هوِّنْ عليكَ فإنَّ الأمور تجري بتقدير الله
وكل أقدار اللهِ خيرٌ وإن أوجعتكَ!
،
عندما قتلَ الخضرُ الغلام،
بدا الأمر أول وهلةٍ جريمة نكراء،
وكذلك حسبها موسى عليه السّلام،
ولا شكَّ أن قلبيْ أبويه انفطرا لفقده،
ثم كُشفَ الغيبُ،
وتبينَّ أن قمة الرحمة كانت في قتله،
يأخذُ اللهُ سبحانه من دنياكَ، ليحفظَ لكَ دينكَ!
يا صاحبي،
إنَّ الله يُدبِّرُ الأمور بحكمةٍ ورحمةٍ لا تخطرُ على بالنا،
لأننا قاصرو النظر، ومحدودو التفكير، ولا نرى من المشهد إلا بقعةً يسيرة،
فأما الله فيرى كل شيء!
ولو كنتَ مع المساكين حين ثُقبتْ سفينتهم،
لربما قلتَ: ألا يكفي الفقر حتى نُصاب في مصدر رزقنا؟!
ولكنكَ لن تلبثَ طويلاً حتى ترى أسطول الملكِ الظالم يسلبُ الناس سفنهم،
فتدرك عندها رحمة الله،
وأن ثقباً في السفينة أرحم من فقدها،
سبحان من يبتلي بالصغيرة ليُنجي من الكبيرة!
يا صاحبي إذا ما تعلَّقَ الأمرُ باللهِ فتأدَّبْ!
أنسيتَ من كان يسوقُ إليكَ رزقكَ وأنتَ جنينٌ في بطنِ أمكَ؟!
أنسيتَ من رققَ قلبها عليكَ رضيعاً،
فكانتْ تقوم لأجلكَ في الليل دون تأفّفِ كأنها جارية تخدمُ مَلِكها؟!
أنسيتَ أباكَ كيف كان يقتطعُ لكَ رغيفاً من صخر الحياة لتكبر وتنمو ويشتدَّ عودك؟!
أما سألتَ من الذي جعلكَ قطعةً من قلبه، فكان على استعداد أن يقطع من لحمه ليطعمكَ
إنه الله!
الغنيُّ عنكَ ولكنه لا يزهدُ فيكَ
والقويُّ الذي لا يحتاجك ولكنه يُناديكَ
أنسيتَ كل هذا، ثم إذا أصابكَ من قدره ما لا تُحب بدأتَ تتذمرُ وتتأففُ!
اِنتظِرْ دورة الأيام، ستنكشفُ لكَ حُجب الغيب، وستعرف أنه ما أخذ منك إلا ليعطيكَ، وما أصابكَ إلا ليرممكَ، وما صرفكَ عن أمرٍ إلا لآخر هو خير لكَ منه!
والسّلام لقلبكَ 🤍
السّلام عليكَ يا صاحبي،
تسألني: لِمَ كانت الصَّفعة موجعةً هذه المرَّة رغم أن من عادة الدنيا أن تصفعني؟!
فأجيبكَ: لعلَّ ما أوجعكَ ليست الصَّفعة وإنما يدُ الصَّافعِ!
يعزُّ على المرءِ يا صاحبي أن يُصفعَ باليدِ التي طالما قبَّلها!
أو لعلَّه التوقيتُ يا صاحبي،
أحياناً تمرُّ بالإنسان عاصفةٌ فلا تُحرِّكُ فيه شعرةً،
وأحياناً تخدشه نسمة!
أو لعلَّها الأحزانُ قد تراكمتْ يا صاحبي،
فالإنسان عندما يحزن يستدعي كل أحزانه السَّابقة كأنَّ حزناً واحداً لا يكفيه!
الجرحُ يا صاحبي يستدعي جرحاً مماثلاً،
والخيبة تستدعي خيبةً تشبهها،
لهذا أنتَ لم تكُنْ أمام خيبةٍ واحدة،
لقد كنتَ واقفاً أمام خيباتك كلها ولكنك لا تعلم!
أو لعلَّها الغربة يا صاحبي،
لا شيء يجعلُ المرءَ هشّاً مثل أن يكون وحده،
يشعرُ أنه في جهة وهذا الكوكب كله في جهة أخرى
وعليه أن يواجهه، وهو لا يريد أن يواجه،
وإنما ينظرُ يميناً وشمالاً،
يبحثُ في هذا الكوكب عن باب ليغادر ويقفله خلفه
والسّلام لقلبكَ