أعجبُ الهجْر أن يقَع لا عن ذنْبٍ أو إملال أو تغيُّر ثِقة .. .. وهذا حاصلٌ لمَن تعسَّر وصوله لمحبوبه وصدَّه المُسعِفُ علىٰ ذلك، فيتحقَّق عنده انطفاءُ القلب ، وفُتور الخاطر، ورجوع الآمال وهذا هجْرٌ مُتفرِّدٌ ومُنتهىٰ البلوغ في كتْم المحبَّة.
(أنا بانتظارك لأمّ كلثوم) كانت الأغنية الأولى الَّتي حفظتها حرفًا حرفا، وكنت أتباهى بها في حضرةِ الكبار، حتَّى جدران المنزل حفظَتها وردَّدتها معي، كيف لا يحدث ذلك وهي لغة والدتي الأمّ، الَّتي تحدَّثت بها على مدارِ اليوم.
بينما كنت أحمِلُ من الفضول ما يجعلني أقرأ حزنها.. عتابها.. وشوقها، وأعجب من آلةِ الغياب كيفَ بدَّلت ملامحها، وهي تحسبُ الوقت بالثواني، كنت أدمنُ ما هي عليه.
_لا تستغرب حالة الفصام الّتي تتملّكني عندما أعلن الهجر وأثور على غيابك وأنا أُيمِّمُ قلبي إليك أكثر من أيّ وقتٍ مضى، فإنَّ قلبي على هذه النشأة قد ترعرع.