اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ على من كان خافضَ الطرفِ، غَاضَّ البصر بِسكينةٍ ووقارٍ، وغاية الأَدب والاِفتقار، الذي وَفَّىٰ مقامَ العبوديةِ الكاملةِ حقَّه، ولم يزل على ذلك حتىٰ آتاه اليقين.
فأَكْثروا من الصَّلاة والسلام عليه يا أُولي الأَلباب، فهي من خيْر الذكر لِمن أَرادَ جزيل الثواب ﷺ
اليومُ الأخير من السنةِ، مُجَددًا هذهِ السنة لا تَختِلِفُ عنْ سَابِقيها، لازِلتُ أنتظِر في نفسِ مَحطّةِ القِطارِ، قِطَارُ الحَياةِ، بِنفسِ الحُلّةِ، بِنَفسِ التَذكِرَةِ، بِنفسِ الحقَائبَ، بِنَفسِ الحالةِ الرُوحيّةِ، مُنذُ سَنواتٍ، أردّدُ خافِتًا بأنّ القِطارَ سيأتي، قِطاريَ وليّسَ قِطَارُ الآخرين، ولَكِن مامِن جَدوى، الأمْرُ خارِجَ الإرادَةِ كُليًّا.
طوالَ تِلكَ السنواتِ البَاليّةِ، أصبَحتُ أعيشُ في مَحطّةِ قِطار، بل سَجينًا لها – هامِشَ الحياةِ بالتعبيرَ المُجازِيّ – أعتَدتُ عليّها، ومُواكَبةً للروتينِ أجبَرتُ نفسي على مُواصَلَةِ الحياةِ وكَأنّ شَيئًا لم يَحدُث، أتَنقّلُ من رُدهَةٍ إلى رُدهة، من كُرسيّ إلى كُرسيٍّ آخَر، أرى مُقتَنياتِ الآخرينَ، أراقِبُ سُلوكيّاتِهم، تَعبيراتُ وُجوهِهِم، وتَحرّكاتِ أجسادِهم، أُحاوِلُ فِهمَ طبيعتِهم، ودِراسَةِ سُلوكيّاتِهم، عبرَ مُراقَبَة تَصرّفاتِهم.
أتجوّلُ داخِلها في أوقاتِ الظَلامِ، عندَمَا يَعمُّ السُكونَ، ويهدأُ صريرُ السِكَكِ، ويَقلُّ المُسافِرينَ، أتجَنّبُ كثيرًا عَناصِرَ القُوة، ذَواتُ القُبعاتِ والشَاراتِ الذَهبيّةِ، كيّ أتفَادى تساؤلاتِهم المَضيعة للوقتِ، ورَغبتهم المُتعطِّشَة في إستِعمالِ السُلطَةِ، لَقَد عَمِلتُ في عِدّةِ عَنابِرَ ومَجالاتٍ مُخَتِلفة داخِلَ المَحطّةِ، كيّ أواصِلَ العَيّشَ وحسب، أُواصِلُ تعلّمَ الكَثيرَ، وتجَنّبِ الحَشَدِ قدْرَ المُستطَاعِ، جالَسني غُرباءٌ عابرين، مِنهم مَن طالَ البَقاء، مِنهُم من بَقاءَه أصبَحَ لا يُطَاق، مِنهُم من تخلّصتُ مِنهُم، ومِنهُم من ذَهبَ بلا عَودَةٍ.
على كُرسيّ الإنتِظارِ أرى المُسافِرينَ ذَهابًا وإيابًا، مِن خِلالهِم أُدرِكُ أن الكثيرَ قدّ تغيّرَ في الخَارِج، ولأنّ بَقائي قدْ طالَ بالمَحطَةِ، فكُلّ شَيءٍ غائبٌ عنّي في العالمِ الخارجّي. أرى الحُلَلِ تَتغيّرُ أشكالها، أرى مَفاهيم العامَ الماضي لم تَعُد سَاريةٌ في العامِ الحاليّ، أرى الأفكَارَ وسِمات الشَخصيّاتِ قدّ تَحوّلت، أرى الأغلالَ قد أزدادَت سَمَاكتُها حوّلَ رِقابِ الكثيرِ، أرى عبيدًا جُدُد، أرى عَناوينَ التَهرّبُ والبُؤسَ بدأت تُبرِزُ على وجوهِ الكثير، أقتَنعتُ بأنَّني أعيشُ الحياةِ هكذا عبْرَ المُراقَبَة وحسب، على الأقلِّ حتى يومَ الصُعودِ إليها.
أرى القِطارُ يَسيرُ ذهابًا وإيابًا أمامي، لَيّلاً ونَهارًا، صَيّفًا وشِتاءًا، في الإحتِفالاتِ والمَآسِي، عامًا تِلوَ عامٍ، بِصَخَبِها وسُرعتِها الهائِلَة، صحيح! إنهُ عَصرُ السُرعةِ، حيّثُ لِكُلّ شَيءٍ قِيمةٌ إلا الإنسانِ. يُؤلِمُني رُؤيةُ ذلك، ويُؤلِمُني الإنتظار، ثمّ أجِدُ نفسي أعتادُ عليه، ثم يعودُ الألمُ أشدُّ مِن قَبل، ثمّ أجِدُ نفسي وقد تجاوزتُ. ومن حينٍ لآخر، يعودُ ذلك الألمُ القديمَ للتمكّنَ مِنّي.
يَتمَكّنني اليأسُ ورِغبةٌ بالإستِسلامِ في أحيانٍ كثيرة، ويَتغلّبُ عَليّ الهَوانُ والضُعفَ، وعَصَفت بي الكثيرَ من الأزَمَاتِ الوجُوديّةِ، حينها تُصبِحُ الرؤيَةِ لديّ قاتِمَة، ويَجتاحُ الضَبابُ رَماديُّ اللونِ حَوّلي، تُحجِبُ عنّي الرؤيّةِ وعن كُلّ شَيءٍ، حاوَلتُ بحقٍّ القَفزَ على سِكّةِ الحديدِ بِضعِ مراتٍ، لوضعِ حدٍّ لهذا الإنتظَارِ المِقيتِ، فِي كُلّ مِرةٍ أتراجَع، لأنّني خائفٌ، كُنتُ أردّدُ؛ بأنّهُ في المَرّةِ القادِمَة سَينجَحُ الأمْرَ وأن ثمّةَ من سَ يَستوليَ على الخوفَ.
مع ذَلك كُنتُ أردّدُ، مُحاوِلاً إشْعالَ شَمعةٍ طفيفةٍ في داخِلي، بأنّهُ يومًا ما سَيكونُ لي مِقعدٌ، وقدّ يَطولُ الأمْرَ، وأنْ مامِن أحدٍ يتأخّرُ عن الآخَر، إنمّا مُقدّرٌ على الجميعِ في زمنٌ مُحدّدِ للصعودِ وحَسْب. لا مَانِع لديّ للإنتِظَارِ، ولكن لا أحدَ يَنتظر، الحياةُ بأكمَلِها لا تَنتَظِر، كُلما تقدّمْنَا بالعُمرِ تُصبحُ العقَبَاتِ أقوى وأكثَرُ تَعقيدًا، وفُرصَةِ الرُكوبِ تُصبحُ ضَئيلة، بالمُقابِل أيضاً فمَكتبَ التَذاكِر، والخدماتِ العامّةِ لن يَنتظَر ويُطالِبً بتجديدِ التَذكِرِة كُلّ عامٍ، مِنْ جِهَة أخرى دِيدانِ العَلقِ لن تَنتَظِر، تُريدُ المزيدَ من المُستحقّاتِ، وإلا يَنتهي بيَ الحَالُ مُشِرّدًا خارِجَ المَحطّةِ، حيّثُ كُلّما طالَ إنتظَارَي، وضعوا آلآفَ العقَبَاتِ والعَواقِب.
كانَ عامًا قاسيًّا بلا مُنِازِع، مُوجِعًا، ومَريرًا، عليَّ وعلى أُسرَتي، على رُوحِيَ وقَلبي، وعلى سَلامَتي النفسيّةِ، خَسِرنَا الكثير ورأينَا الكثير، ولمْ نَخسَر ذِواتَنا. مع ذَلِك أؤمنُ بأنني تَمكّنتُ من الكثيرَ. وأثبَتْتُ دوّري في الوجودِ. لا أرجو عامًا سِعيدًا، لكنّني أرجو الصُعودَ ومُغادَرةِ المحطّةِ وحَسب.
كل عام وأنت طفل صغير كل عام وأنت دمَّك خفيف كل عام وأنت حدا لطيف كل عام وأنت عايش يومك كل عام وأنت ناسي همومك كل عام وأنت بتلعب كتير كل عام وأنت كتفك مُريح كل عام وأنت من جوّا منيح كل عام وأنت بخير . . . #ريم_أبوغضيب @reem_ag #٢٠٢٢ #2023 #happynewyear #كل_عام_وانتم_بخير https://www.instagram.com/p/Cm0cPaPN3tx/?igshid=NGJjMDIxMWI=
ذكريات لا تنسى شكرا جزيلا ❤️⚘️🥰 Unforgettable memories ❤️🥰⚘️ #٢٠٢٢ #2022 (at KBS World Radio Arabic) https://www.instagram.com/p/CmwSHR7NLbB/?igshid=NGJjMDIxMWI=