أن يجد كلٌ منا متكأ روحه رفيق قلبه ومخبأ أحاديثه بقربه ، من يخشى علينا من حزن يمسّ أيامنا ويطفئ ابتسامتنا ، من نشعر معه بكامل الحرية والامان ، من لا يهون عليه ذبول أعيننا وخدش مشاعرنا ..
مش نايمه غير ساعه ونص من امبارح وحاسه ان راسي تقيله جدا ومش متوازنه اصلا، اليوم كان صعب وميد مفاجأ وحصلت حاجات مش لطيفه كدا، واحنا مروحين في العربيه الناس فوق بعضها والسواق يقول لا مش هطلع لازم يبقوا ١٨ في العربيه (اللي هي اصلا ١٤) كنا ١٦ ومكنش راضي يطلع فا حصلت مشكله بينه وبين ولد راكب وزعقوا والناس ابتدت تتكلم والسواق استفزني جدا، لحد ما خرجت عن صمتي وقومت زعقت فيه وقولتله "تاخد الكبيره ؟ اي زياده عن عربيتك سُحت "
ومردش عليا عشان مش فاهم الكلمه وانا محاولتش أوضح وكملوا زعيق برضو لحد نص الطريق وانا كاتمه في نفسي .
انا اللي مضايقني انا الزعيقه اللي زعقتها دي ضربت في دماغي مش عارفه ايه اللي حصل كدا ودماغي وايدي الشمال وجعاني جدا علشان زعقت ، وفي الأخر يا ريت فهم انا عايزه اقوله ايه .
تايم لاين رمضاني رائع مليان بالتريجيرز اللذيذة والترومات المختلفة والمعاناة وضيق التنفس عن الأمومة والطفولة والعمل والعزوبية والزواج والوحدة والعزوة وأي وكل حاجة ليها علاقة بالإنسان ف المطلق وحتمية الألم ف أي كونديشن انت فيه
لما كنت مسافرة كان معايا واحدة صاحبتي اتعرفت عليها مؤخراً وكان من احسن القرارات اننا نسافر سوا كا مجموعة، البنت دي علمتني حاجة حلوة اوي، كنا لما نروح مكان حلو *والبلد دي بجد كل حاجة فيها حلوة* كانت تقول الحمدلله، فا لكم ان تتخيلوا كم الحمدلله اللي بتقولها في اليوم، حتى لما طلعنا الهايك (المشي في الجبال) وكان صعب بصراحة والشمس كانت مبهدلانا كانت تقعد تاخد بريك من التعب وتقول الحمدلله، وكل ما تشوف منظر مبهر اوي تقول لي الله بجد انا عايزة اروح الجنة خلاص يارب نروح الجنة عشان نفضل عايشين للابد في مكان احلى من دا بكتير.. فا بجد كلمة وجملة هي بتقولهم دايماً خلوني اشوف الرحلة بشكل تاني..
ولاقيت نفسي لما رجعت كل شوية بقول الحمدلله حتي في اليوم العادي اللي مفيش فيه احداث كتير، وعرفت انك ممكن تكون داعية بالخير بمجرد بس انك تبقا على طبيعتك وتفكر الناس بربنا دايماً بكلامك وذِكرك لله، وان ذِكر الله مش بس مقتصر انك تسبح او تكبر ربنا في سرك، لا دا اعظم الذِكر اللي بتفكر الناس بيه بعظمة ربنا وبأهمية كلام معين بننسى نقوله زي "الحمدلله".
بابا كان بيسافر كتير تبع الشغل، وكان دائما بيرجع بهدايا جميلة، الحقيقة بابا كان ذوقه حلو اوي، أكتر راجل ذوقه حلو شوفته في حياتي.. كنت بلبس اللبس اللي جابهولي واقعد اقول للعيال في الشارع دا من فرنسا، ودا من انجلترا.. ودا من اليابان.. بابا بعد كل سفرية كان لازم يرجع بحاجة أهم من الهدايا، كان بيرجع يعلمني ازاي اقول كلمة ( إزيك) و كلمة ( بحبك) بلغة البلد اللي هو راحها، ونقعد فترة بعد ما بيرجع، كل يوم الصبح قبل ما ينزل او قبل ما انام اقوله بحبك باللغة اللي اتعلمتها.. طبعا التعليمة دي كان سببها أغنية لنادية مصطفى كنت بحبها اسمها ( بكل لغات العالم حبيتك) .. ودا شيء حازز في نفسيتي إن الفنانة يبقى ليها دور في ذكرياتي.. بس أنا كنت بقول لبابا عايزة اعرف كل اللغات عشان اقولك اني بحبك يا بابًا بيها كلها
من كام سنة كدا اكتشفت جوابات الحب اللي بابا كان بيبعتها لماما، وهما مخطوبين.. الورق كان جميل اوي، ولسه ريحته جميلة، بابا كان بيبعت لماما كل يوم جواب من اليابان، ويحكيلها عن كل مكان بيروحه، وكل أكلة بياكلها، ويقولها مفيش حاجة ليها طعم من غيرك
بابا لما كان بيسافر، كان بيكلمنا كل يوم، ولما نقوله عامل ايه؟ كان بيقول مفيش حاجة ليها طعم من غيركم.. وأنا عارفة قد إيه كان صادق في كلامه.. لإن احنا كمان كانت حياتنا بردو ملهاش طعم من غير بابا..
في مرة في محاولاتي التغلب على أحزان شهر أكتوبر، روحت ألمانيا في صاحبتي، هي اللي اقترحت عليا الحقيقة، كنت ��ي مرحلة بدور على بابا، هو مات وأنا مش مصدقة إنه مات، فماذا لو روحت أماكن راحها.. بابا كان بيحب ألمانيا جدًا، ووأنا صغيرة كان عنده خطة إن احنا نسيب مصر ونروح نعيش هناك، لكن ماما رفضت.. روحت ألمانيا لأ��ل مرة، أول مرة أسافر لوحدي، ومعايا شنطة السفر بتاعة بابا اللي كان بيفتحها في الصالة أول ما بيوصل البيت ويبقى مرتب الهدايا على الوش.. بابا أول بلد يسافرها في حياته كانت ألمانيا، بعد ما خلص جامعة، راح قعد هناك كذا سنة واشتغل في أماكن كتير ، ورجع مصر وعنده حلم إنه يطبق كل حاجة شافها عن الكهربا في مصر..
لما سافرت، كنت بقعد أتمشى في الشوارع وأتخيل بابا في شبابه وفي نفس سني تقريبًا كان بيعمل ايه، من ٥٠ سنة ، ايه اللحظات اللي مر بيها.. الفترة دي بابا كان بيحكي عنها قشور، من غير تفاصيل، بعد ما بابا ما مات، عمي الكبير حكالي إن حياة بابا كانت صعبة جدًا وقتها، ومكانش بيرضى يقول لحد عشان ��ايف إنه خلاص خلص تعليم وبقى مسؤول عن نفسه.. وإنه مكانش عايز يقولنا هو ازاي تعب في حياته.. عشان ميبقاش زي الأبهات اللي بيعايروا عيالهم بقصص النجاح.. بابا فعلا راجل صنع نفسه بنفسه، من طفل صغير عايش في قرية، كل حاجة بتقول إن حياته هتبقى مظلمة، لشخص ناجح منصبه كبير.. أو زي ما كان بيقول ( لو حد سألك أبوكي مين؟ قوليله لو عندكم كهربا في بيتكم فبابا اللي دخلهالكم)
أنا كمان حبيت ألمانيا ساعتها، أينعم اما رجعت ماما قالتلي ان بابا كان اصلا عايش في ميونيخ وفرانكفورت وانا قضيت الوقت كله في برلين، فكل تخيلاتي طلعت فاشوش.. بس دا أكتر مكان حسيت فيه بوجود بابا
رجعت البيت من السفر، وكان عندنا ولاد اخواتي، كنت حاطة الهدايا على وش الشنطة، وقعدنا نتفرج عليها، وحسيت للحظة إني هلاقي بابا لو اتبعت منهجه في الحياة، اسعاد اللي بنحبهم هو سعادتنا الحقيقية
انت خلتني طول الوقت سعيدة يا بابا، وخلتني فخورة، وخلتني كل حاجة حلوة في الدينا.. ودوري إني فعلًا أخلي اللي بحبهم يحسوا نفس الإحساس .. رحمة ونور يا حبيبي .. رحمة ونور 🤍
صاحبتي فسخت خطوبتها من يومين سيبتها تهدي على اعتبار إنه خبر حزين وبعدين أكلمها بسألها السبب؟ قالتلي كنت بخلص ورق في مصلحة حكومية والجو مش ألطف حاجه حسيت بتعب ودوخه وطلعت رقمه ورقم بابا عشان حد يلحقني لو تعبت ووقعت زي كل مره أتعب فيها
بابا قالي : أستنى مكانك ربع ساعة وأكون عندك
هو قالي : روحي وارتاحي كده وكلميني ف ماحسيتش إني ممكن أسيب الحنية والجمال دول كلهم وأروح أعيش مع حد تاني عارف تعبي وبيهمشه عادي، وقتها بس أفتكرت فقرة عمرو حسن وهو بيقول : "أنا برضو علشان بعرف أنقي، أخترت اللي أبوها حبيبها، دلعها كأن مافيش في الدنيا بنات، وراها أمان صعب تعيش يوم في غيابه، أنا برضو عشان بعرف أنقي أخترت اللي أتربت تتصان" وحقيقي مش خسارة في اي بنت شويه أمان وطبطبة في مقابل أنها تسيب بيت أهلها وتديك عمرها وصحتها وشبابها عن طيب خاطر❤️