محاولات التعافي من فيديو "روح الروح" صعبة، تكاد تكون مستحيلة. أنا بقالي يوم كامل بحاول أتجاوز المشهد ومش قادر الحقيقة، وازداد الأمر سوءًا بعد ما حاولنا نتواصل النهاردة مع المصورين الفلسطينيين اللي صوروا الفيديوهات وتعاملوا مع الموقف عن قرب، وحكوا للصديق العزيز، الصحفي المجتهد، أحمد مصطفى، تفاصيل إضافية تزيد الحكاية دراما ومأساة فوق الاحتمال، تدفعك للعن العالم كله، خاصة لما عرفنا إن الشخص اللي معاها هو جدها مش والدها، ولذلك استخدم جملة "روح الروح" كتعبير مثالي يلخص علاقته بالطفلة البريئة اللي كان محتضنها وبيداعبها، كما لو كانت لسه على قيد الحياة. والأكثر من ذلك، إنه وقبل نقلها إلى مثواها الأخير، مسح جبينها بمنديل معطر، وعمل لها غُصن في شعرها، اللي بنسميها (ضفيرة) وبيسموه هناك (تجديل الشعر)، ودي عادة هناك بتتعمل في المناسبات السعيدة، لما البنت بتكون عايزه تظهر في أجمل صورة، وكأنه بيجهزها لاحتفالية أو ما شابه، ثم شالها وبدأ يلاعبها ويرفعها في الجو ويتلقفها ويبوس على خدها. هذا كله لم تنقله العدسات، لكن المصورين وشهود العيان حكوه، علشان يكون مشهد كهذا كفيل إنه يطارد الواحد لفترة لا بأس بها، في اليقظة والأحلام، دون مفر، كأني حرفيًا "أحاصر شبحًا يحاصرني"، ودون قدرة على الاختباء أو الهرب، فلا مجال حتى أن أقول للسائق "أنزلني هنا" مهما تعبت من السفر.
إنَّكَ لا تختار حين تُحبّ، ولا تحبُّ حينَ تختار، وإنَّنا مع القضاءِ والقدر حينَ نُولد، وحينَ نُحبّ، وحينَ نَموت. وإذْ يسألونكَ عنِ الحُبّ قُل: هو اندفاعُ روحٍ إلى روح، ويسألونك عن الرُّوح.. فماذا تقول؟
كيف لي أن أُخبرك أن الحياة تسير عكسَ ما أريد تماما، كيف لي أن أشرح لكَ أن كل خطوة آخذها نحو مرادي تُبعدني عن ما أراه قَدري، كيفَ لي أن أصل ياَ اللّه ..