عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ: " إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ. وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ. وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ. وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ. وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ " . حديث صحيح - سنن ابن ماجة وجامع الترمذي - ١٦٤٢ - ٦٨٢
It was narrated from Abu Hurairah that the Messenger of Allah (peace be upon him) said: “When the first night of Ramadan comes, the satans and mischievous jinns are chained up, and the gates of the Fire are closed, and none of its gates are opened. The gates of Paradise are opened and none of its gates are closed. And a caller cries out: ‘O seeker of good, proceed, O seeker of evil, stop.’ And Allah has necks (people) whom He frees (from the Fire), and that happens every day.” Sunan Ibn Majah 1642 In-book reference : Book 7, Hadith 5 // Jami` at-Tirmidhi 682 In-book reference : Book 8, Hadith 1
وقد جاء التصريح في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده بأن هذا المنادي ملَك من ملائكة الله وأنه يتكرر كلَّ ليلة حتى ينقضي الشهر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((.. وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ))(2). ولئن كان أهل الإيمان لا يسمعون صوت هذا المنادي إلا أنهم من ندائه على يقين ؛ لأن الذي أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
فلنستشعر في ليالي رمضان المباركات هذا النداء المبارك ، هذا النداء العظيم ، ولنفعِّل هذا النداء في حياتنا ، ولنتأمل في أحوالنا وسلوكنا ، ولننظر في حالنا من أي أهل النداءين ؟ فإنهما نداءان وكل منهما مقصود به فئة من الناس " يا باغي الخير .. يا باغي الشر " ؛ وفي هذا دلالة أن قلوب الناس على قلبين : قلب يبغي الخير ويطلبه ويبحث عنه ويتحراه ، وقلب آخر - والعياذ بالله - يبحث عن الشر ويتحرك في طلبه وينبعث في البحث عنه ، فليسوا سواء ؛ ليس من كان قلبه قلباً صالحاً مستقيماً يطلب الخير ويتحراه كمن قلبه -والعياذ بالله- قلباً شريراً لئيماً يبحث عن الشر ويتحراه .
فمن كان قلبه ذلك القلب الكريم الذي يتحرى الخير ويطلبه فليغنم شهر الخيرات : بالإقبال على الله ، وبالمزيد من الطاعات ، وبالاستكثار من العبادات ، وباغتنام موسم الخيرات بالإكثار من الرغائب والمستحبات ، وفي الحديث القدسي يقول الله جل وعلا : ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ))(3) فالمقبِل على الخيرات يجتهد في الفرائض أولاً تبكيراً إليها ومزيد اهتمامٍ بها وسعياً في تتميمها وتكميلها ، ثم بعد ذلك يوسع في باب الرغائب والمستحبات اغتناماً واستكثارا .
وما من شك أن هذا النداء العظيم المتكرر كلَّ ليلة من ليالي رمضان يُعَدُّ حافزاً عظيماً للهمم والعزائم في شهر الخيرات ؛ ينادي المقبلين على الخيرات تحفيزاً لهم وشحذاً لهممهم لاستباق الخيرات ؛ سواء كانت متعلقة بالنفس كالمحافظة على الواجبات وأداء الصلاة والصيام وغيرها من الواجبات على أتم الوجوه وأفضلها والمنافسة في أداء النوافل والسنن واجتناب المحرمات والمكروهات ، أو كانت متعلقة بالغير كبذل النصيحة لهم وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران وسائر الناس ، وكالإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين ، وكفّ الأذى عن الناس ومساعدتهم بالمال والبدن والجاه ....
فالثواب في هذا الشهر عظيم والأجر كبير وأبواب الخير واسعة فليضرب كل بسهم فيها والله تعالى يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] ، وإذا فعل ذلك فليخلص لله النية ولْيَحتسب الأجر عنده ولْيُداوم على ذلك ما استطاع ، وليحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وموافقة هديه في كل أمر ، وليطلب العون من الله وحده على فعل الخيرات والمسابقة في أداء الطاعات والإكثار من الحسنات ، ومن الدعوات العظيمة التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ولها نفع عظيم في هذا الباب ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا))(9).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" وقيل: في هذا " إِشَارَة إِلَى رَفْعِ عُذْرِ الْمُك��لَّفِ، كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ كُفَّتِ الشَّيَاطِينُ عَنْكَ؛ فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ ولا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ " انتهى من " فتح الباري" لابن حجر (4/ 114). ... الحكمة من تصفيد الشياطين في رمضان مختصراً
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Tagalog Indian Sinhalese Kurdish Hausa Portuguese: https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/10107
شهر تصفير الصحيفة مما فات، والكف عن الحرمات، والإقبال على الطاعات، سبحان من وضعه على مدة ليست ببعيدة عن رمضان..
•أما عن تصفير الصحيفة مما فات..
فهو الشهر الذي يسبق شعبان وهو الموعد السنوى لعرض أعمال العباد على الله، والأعمال بالخواتيم فالتوبة تجُب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فرجب جاء فرصة حتى نتدارك ما قدمناه قبل عرضه على الله، فمن أراد أن يُسر ربه من صحيفته فليجتهد في رجب.
•وأما عن الكف عن الحرمات..
فهو أحد الأشهر الحُرم التي تُغلظ فيها الذنوب، وتضاعف فيها الحسنات، من كان يتساهل في غيره من الشهور فليكن حذر أن هذا الشهر التعامل فيه مختلف، ولعل هذا من نعم الله ولطفه بنا، جاء شهر رجب قبل رفع الصحيفة فمن لم يرتدع لحرمة الذنب، يرتدع من حرمة الشهر ففيه إعانة منه سبحانه، هيأ لنا الأسباب والأزمان لطاعته.
•فأما عن الإقبال على الطاعات..
فكما نعلم رجب شهر البذر، وشعبان شهر السقيا، ورمضان شهر جني الثمار، ولا يكون البذر إلا في أرض خصبة تستقبل ما يُبذر فيها، فكان شهر رجب حافز لزيادة الطاعات والإقبال عليها، وإصلاح أحوالنا مع القرآن والصيام والقيام، لعل الله يفتح علينا في رمضان بأضعاف جهدنا لأخذنا بالاسباب في رجب، فجعل الله لنا الأجور مضاعفة كحافز وإعانة منه.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ". صحيح البخاري ومسلم حديث ٢٨٤٠ - ١١٥٣
Narrated Abu Sa`id: I heard the Prophet (peace be upon him) saying, "Indeed, anyone who fasts for one day for Allah's Pleasure, Allah will keep his face away from the (Hell) fire for (a distance covered by a journey of) seventy years." Sahih al-Bukhari 2840 In-book reference : Book 56, Hadith 56 - Sahih Muslim 1153a In-book reference : Book 13, Hadith 217
إن جملة: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، تحتمل أحد معنيين:
المعنى الأول: بمعنى الجهاد وما يتبعه من رباط؛ وهو معنى مشهور في عرف الشرع، كما في آية مصارف الزكاة.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى " إذا أطلق ذكر "سبيل الله" كان المشار به إلى الجهاد " انتهى من "كشف المشكل" (3 / 153)
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: " قوله: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، العرف الأكثر فيه: استعماله في الجهاد، فإذا حمل عليه: كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين - أعني عبادة الصوم والجهاد " انتهى من "إحكام الأحكام" (2 / 37).
وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى: " فالسبيل: في الأصل الطريق، ويذكر ويؤنث، والتأنيث فيها أغلب.
وسبيل الله عام، يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى، بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات.
وإذا أطلق: فهو في الغالب واقع على الجهاد، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه " انتهى من "النهاية" (2 / 338 - 339).
والمعنى الثاني: أن يكون المعنى : مخلصا لله تعالى فيه، سواء كان في جهاد أو لا.
قال القرطبي رحمه الله تعالى:" وقوله : ( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ )؛ أي: في طاعة الله؛ يعني بذلك: قاصدًا به وجه الله تعالى. وقد قيل فيه: إنه الجهاد في سبيل الله " انتهى من "المفهم" (3 / 217).
فعلى هذا القول: تكون الحكمة من تقييد الصيام بقيد: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، من باب الحث على إصلاح القصد، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رواه البخاري (38)، ومسلم (760).
فالحاصل؛ أن هذا الفضل يدخل فيه قطعا من صام محتسبا حال جهاده؛ وأما سائر صيام الطاعة فمحتمل ، وفضل الله تعالى واسع . الإسلام سؤال وجواب
أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالصِّيامِ، ووَعَدَ عليه بالثَّوابِ الجَزيلِ، سواءٌ أكانَ صِيامَ فَرضٍ أو صِيامَ نافِلةٍ.
وفي هذا الحَديثِ بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَضْلَ صَومِ التَّطوُّعِ، والصِّيامُ هو: الإمساكُ بنيَّةِ التَّعبُّدِ عنِ الأكلِ والشُّربِ، وسائِرِ المُفطِراتِ، ومُجامَعةِ النِّساءِ، مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ. وقَولُه: «في سَبيلِ اللهِ» أيْ: في أثناءِ الجِهادِ، إلَّا أنْ يَخشَى الصائِمُ ضَعفًا عِندَ لِقاءِ العَدُوِّ، فالفِطرُ له أَوْلى؛ لِيَقوَى على القِتالِ، وقيلَ: أرادَ بسَبيلِ اللهِ: إخلاصَه للهِ عزَّ وجلَّ، وإنْ لم يَكُنْ في أثناءِ الجِهادِ، فذَكَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وَعَدَ مَن يَفعَلُ ذلك بأنْ يُباعِدَ بيْنه وبيْنَ النَّارِ سَبعينَ خَريفًا، أي: سَبعينَ سَنةً؛ لأنَّه كُلَّما مَرَّ خَريفٌ انقَضَت سَنةٌ، وهذا يدُلُّ على بُعدِ النَّارِ عنِ المُجاهِدِ الصَّائِمِ، أوِ الصائِمِ المُحتَسِبِ للهِ عَزَّ وجَلَّ.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ والتَّرغيبُ على صيامِ التَّطوُّعِ. الدرر السنية
Hadith Translation/ Explanation : English French Spanish Turkish Urdu Indonesian Bosnian Russian Bengali Chinese Persian Tagalog Indian Sinhala Uyghur Kurdish Hausa Portuguese: https://hadeethenc.com/en/browse/hadith/4436