صرخات تتحشرج "بابا خلاص" النبأ الرهيب، بينما أنا مش مستوعب وأبتسم في بلاهة جاهلة، تجبرني الإجراءات البيروقراطية على أكل الموت، أسترق بصة على الحياة خارج مبنى المستشفى كيف تكون كل هذه الحيوات على الهامش وأنا والموت نتقاسم مساحة في منتصف الورقة؟ كل في فلك الموت يسبح.
أتأخر كعادتي أحاول الإمساك بأبي الذي يسبقني على البيت، حدث متكرر حتى وإن كانت قدماه عجلات عربة الإسعاف، أدلف باب بيتنا، تضمني عمتي، تعتصرني ونسقط سويا في بئر الدموع، وتقول لي: "كان بيقول حد فيكم هيزعل عليّ؟"
ولادة الموت، فقد رأيتموه وأنتم تنظرون، مرثية ذاتية، يحدث الخارج عن المتخيل، لوح الغسل، تابوت الأب، صمت طبول المعزين ونواح الكلب، وآنين الأم، والتهاوي الأخير للرب، تتلقفني رياح الفقد بالموت، تدفعني نحو حائط الحزن وأسقط متوسدا الفراغ.
سالت دموع عينيّ الذابلتين في محجريهما، حمم فوق جلدي البارد تفور، تذيب جليد وجهي، ألجأ إلى الكلمات، في وداعية لجسد ومحاولات إستبقاء سيرته، يصدح صديق لأبي عبر مكبرات صوت جامع يكتظ بالمودعين.. يخاطبني أنا وإخوتي "كونوا رجالا كأبيكم" يهمس عمي في أذني "لعلها نقطة بداية تعديل الأخطاء التاريخية"! وتحتضنني الأم "بابا ما بقاش موجود يا عماد، ما تزعلش منه".
وأنا هناك أمام قبره أحدق في الموت الذي يضع قناعه فوق الوجود المتهالك ولا أشعر إلا بتفاهة كل شيء خارج نطاق التجربة،،،،
ما كنتش متخيل إن أنا سيعبرني الزعل «المعقد» على فقدان الذي ما أحببته ولم أكره وجوده، ورغما عني ترك فيّ الأثر، لن يتكلم مجددا الرجل المصاب بالإخلاص المرضي، ومات بالمرض المخلص. وأنا يعتصر رأسي سؤال الفقد هل يمس المرء على غير عزيز؟!
لابد أن هناك شيء واحد على الأقل، هو شيء جوهري، يجمع بين كل هذه الشخصيات التي يعرض الفيلم حيواتها الخاصة التي تتقاطع معاً ثم تعود لتنفصل من جديد خلال ثلاث ساعات، هي زمن الفيلم. تحدث أشياء درامية هنا وهناك، خيانة، انفصال، تعري، اعتراف، كشف للذات، وحدة، حزن، قتل، انتحار، وموت. أشياء درامية تعرض حياة الشخصيات للخطر، وتحول مساراتها، وتتلاعب بمصائرها، لكن ثمة شيء يسلب من الدراما حمولتها الثقيلة، القاتمة، والكئيبة، هو ذلك الشيء الجوهري الذي يبقي روبرت ألتمان عليه حاضراً طوال الوقت في الجو العام لعمله الطويل المتشظي أكثر مما يحب الجميع، والمتماسك أكثر مما يتصور الجميع -مثل الوجود الإنساني في العالم- وهو العبث، الذي يحكم قبضته الرخوة على الوجود، يدفعه دوماً إلى الأمام، ويمنعه من الإنجراف إلى نهاية مشئومة، منطقية، وجميلة، يتشوق إليها وينتظرها الجميع.
the last days of disco,98, whit stillman
«إننا نتقادم؛ لقد عاصرنا فترة من الزمن وقد انتهت. إنه يشبه الموت إلى حد ما.» هذه عبارة على لسان أحد الأبطال خلال مشهد نهاية آخر أيام الديسكو، الذي يمكن اعتباره بشكل ما مرثية لنهاية حقبة الديسكو، أو مرثية لما هو أكثر خصوصية وأعمق أثراً من ذلك؛ فترة الشباب.
الجميل في الفيلم، وهو فيلم جميل على المستوى الفني بأية حال، هي تلك اللمسة الشابة التي تطبع الشخصيات، والحوار، فتجعلها أكثر حميمية وحيوية وجاذبية وصدقاً ، وتجعله مرحاً ومدهشاً وممتعاً، تلك اللمسة الشابة التي يحصل الجميع عليها مرة في العمر، ولفترة من الزمن، قبل أن تذوي بمرور الوقت، وربما تأفل للأبد. هو فيلم تتصور أنك عشته فيما مضى، وتحب أن تصنع مثله يوماً ما، عندما تتقادم إلى الحد الذي تفقد عنده نفسك التي خبرتها جيداً وألفتها تماماً رغم كل شيء قبيح أو أخرق، ويضع الزمن قبضته الغاشمة على حياتك.
ساتحدث اليوم عن مدينة مبنية فوق الصخور تتمتع بروح الأندلس. وازدهرت إبان الحكم الإسلامي وينتسب لها الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي الذي قال قصيدة "مرثية #الأندلس" التي مطلعها: لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
اسماها القيصر يوليوس مدينة القلعة (#راندا). وفي 713م فتحها العرب وجعلوها عاصمة للخلافة الأموية في الأندلس. وبعد تفكك الخلافة غزاها ملوك طوائف #أشبيليا بقيادة عباد المعتضد الثاني. وفي عام 1485 انتهى الحكم الإسلامي بها. ولد بها عباس بن فرناس الذي برع في الطيران وعدد من العلماء
تأثرت #راندا كثيراً بالحرب الأهلية الإسبانية التي تسببت بهجرة عديد من سكانها. ويصف الفصل العاشر من رواية #لمن_تقرع_الأجراس لإرنست #همينغوي مشهداً يُحاكي الأحداث الفعلية التي جرت في راندا، حيث تدور الأحداث في 1936حينما يتم إعدام المتعاطفين مع الفاشية برميهم من أعلى الهاوية
تقع قرية #راندا او #رونده على مقربة من إشبيلية (ساعة و45 دقيقة بالسيارة) و #ملقا (ساعة ونصف)، على جبل صخري يرتفع 750م فوق سطح الأرض، ويمر بها نهر يقسمها إلى نصفين ويمكن للزائر مشاهدة مناظر بانورامية رائعة فوق الوادي بأكمله. وبها ثلاثة جسور هي: الجسر الروماني والعربي، والحديث
ويوجد في #راندا حلبة لمصارعة الثيران هي الأقدم في تاريخ إسبانيا وتم بنائها من قبل المعماري خوسيه مارتن دي عام 1784 م، وهو أيضاً من قام بتصميم الجسر الحديث. وكانت #مصارعة_الثيران تهدف لتدريب الفرسان الجدد على الكر والفر في المعارك
تاريخيا تم تقسيم #راندا إلى ثلاث مناطق: أقدمها #سان_فرانسيسكو التي تضم عدداً كبيراً من المباني الدينية. وثانيها قصور #لا_سيوداد الفخمة. وثالثها وهي الأحدث #الميركاديلو التي تجذب السياح إليها من خلال محلاتها الكثيرة. وجميع هذه المناطق تسحر الزوار وتقودهم الى النهر
عرفت رندة ازدهارا كبير إبان فترة الحكم الإسلامي للأندلس وكانت عاصمة إقليمية وإليها ينسب الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي صاحب قصيدة (مرثية الأندلس الشهيرة والتي يقول في مطلعها
لكل شيء إذا ما تم نقصان** فلا يُغرّ بطيب العيش إنسانُ
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ* *من سره زمنٌ ساءته أزمانُ