من أوضح مُتلازمات الحب وأحلاها وأدفئها أن الإنسان يجد نفسَه فجأةً ينطق الكلمات بنفس النبرة والطريقة اللتين ينطقها بهما حبيبه، بل وإنه يجد نفسه يستعمل تعبيراتٍ وكلماتٍ من لهجة من يحبُّه (إذا كانت لهجتُهما مختلفةً) ويدمجها في حديثه دمجًا تلقائيًا سلِسًا ويستعملها حتى مع أهله وأصدقائه كأنَّما وُلِد وهو يتحدث بها، ويجد لها وقعًا عذبًا على لسانه أعذبَ ألفَ ألفِ مرةٍ من لهجته هو، وإنه في غالب أمره لا يلحظ أنه يفعل ذلك إلا حين ينبِّهه إليه غيرُه، لأنه صار بمنزلة الطبع فيه، والطبعُ لا يراه صاحبه أمرًا غريبًا ولا يكاد يُميّزه، وقد يُلام وقد يُعاب وقد يُذَمُّ، لكنّ أيًّا من هذه الأشياء لا يُغيّر من عذوبتها عنده وتأصُّلها فيه.
ومن هذا يتبيّن لك كيف أنّ الحب لا يكون بين القلبين فقط، كأنّ اللسان ينادي القلب ويقول له لستَ أنتَ وحدك تنال حظك من الحب ولذته.
الآخرين الذين لا يعرفونك جيدًا سيظنون في لحظات تعبك أن هذه نسختك الحقيقية، وحدهم الذي يلمسون عُمقك سيبقون بجانبك في انتظار اليوم الذي تعود فيه إلى حقيقتك.
وأسألك من فضلك وتوفيقك أن لا أنوي شيئًا إلا نلته، ولا أسلك طريقًا إلا وصلت غايتي منه، ولا أطرق بابًا إلا فُتحت لي أبواب الخير فيه، ولا أجتهد بشيء إلا باركت لي به، اللهُمَّ أنت القادر فبشّرنا وبلّغنا تمام فرحتنا على خير و سِعة.