Tumgik
umqassem · 2 years
Text
التجربة ملح الحياة - العام التاسع
الحبيب قاسم،
 الأمور مشوشة بداخل عقلي يا صغير. ثمان سنوات يا حبيبي؟ كأنني توقفت عند مرحلة معينة ولم أعد أدرك جريان الزمن. امتى كبرت كدا يا قلب ماما؟ امتى طولت كدا يا روحي؟ هل هنالك جنيات صغيرات بييجوا بليل يمطوا رجليك الاتنين فتطول؟ عقلي توقف عند مرحلة معينة. دخولك كي جي 1. حملي بليلى. بعدها بوف. لا أعرف ما الذي حدث. أنا آسفالك يا قاسم. ما يحدث معي لو قال لي أحد منذ عددة سنوات أنه سيحدث ما كنت أصدق.
في مرحلة ما كنت قادرة على العطاء. كنت أعطيك بكل حب. أنت كنت عالمي كله. كل تفاصيل حياتي متشبعة بك. بعد ذلك بدأت أنسحت تدريجيا. في اسوأ الأيام كنت بتسحبني من على السرير ونلعب غميضة. كنت أشعر بحماس طفولي شديد ومتعة في الإختباء وبحثكم عني. أين توقفت إذا حبيبي كي أتابع؟ مشهد لحياتنا في 2017 أنت وصل سنك سن دخول المدرسة. أنا فجأة اكتشفت حملي. والدك فقد عمله. لا مسكن عندنا. تصور حبيبي؟ سكنا عند جدتك اعتماد أمي. أنت الذي نقلت خبر حملي لصديقاتي. في زيارة لهن سألتك أخت صديقتي في  أطفال في المجلس؟ أنت حبيبي رديت وقلت آه فيه ماما عندها بيبي. أتت أخت صديقتي عندي قائلة: خديجة إنت حامل؟
شيء بي تعطل يا صديقي الصغير، شيء ما تغير. أشعر بأنني لست أنا. أشعر كما لو أنني خرجت من المنزل ولم أعرف طريقا للعودة. صار عمرك تسعة. تسع سنوات من صحبتنا. آخر مرة كتبت لك منذ أربع سنوات. يبدو بأنه فاتني الكتابة عن الكثير من الأشياء. أهم الأحداث:  صار لك أخت أسميتها ليلى، ماما وأخيرا تخرجت من جامعة الشارقة بتقدير جيد أنا وبابا انفصلنا يا حب قلبي. كيف كانت الأعوام السابقة من آخر مرة كتبت لك فيها؟ كانت أعوام صعبة شاقة يا قاسم. عارف حبيبي؟ أكون ممدة على السرير هاربة من العالم وتأخذني أنت وليلى من يدي لنلعب الغميضة. ألعب معكم وأنا متعبة. أقوم وأستخبى في أقرب مكان. هل تعلم حبيبي في اللحظات القصيرة التي أختبأ فيها ويتم إيجادي هذه اللحظات تكون سحرية. ثواني ويتم إيجادك.
سأحكي لك قصتي يا صديقي. تخرجت من الثانوية وفي عام تخرجي قامت ثورة في مصر ثورة 25 يناير. كنت أعيش في دبي- الإمارات وبدأت أقصر في دروسي لمتابعة ما يجري في مصر. كنت أشعر بنوع من عدم الإستحقاقية في العيش. قادني هذا الشعور بعدم الإستحقاقية لمحمد محمود وسط الثوار عام . 2011 من طاولتي وكرسيي في مدرسة الواحة لعمارة 13. أمام عمارة 13 كان هنالك موتوسيكل وكان هنالك شاب يدعى مصطفى – والدك- كانت هنالك أصوات كثيرة وروائح. عارف حبيبي أحيانا أشم ريحة غاز فأنتشي الرائحة تعيدني لميدان التحرير. كانت هنالك أصوات أشبه بأصوات الحرب والثوار يضربون بعصيان على العواميد فتصدر صوت عالي قال لي هذا الشاب والدك ادخلي داخل عمارة 13 ولم يدخل هو فيما فكرت وقتها؟ لو مات؟ يموت مبسوط وهو يحمل حبي معه. أخبرته سأخبرك بشيء: أنا أنا أنا أحبك .فرح. حياتي كلها لن أنسى فرحته حينها. فرح كأن هنالك شيء سقط له من السماء خصيصا.
تكملة الحكاية تزوجنا.
2012 أستيقظ أجد نفسي في بيت مصري في الفيوم فأسأل نفسي أين أنا وكيف وصلت هنا؟ لم أشعر بإغتراب كما شعرت في الفيوم.
بعد أن أتممت عامك الأول تركت مصر نهائيا وعدت للإمارات لبدأ دراسة آداب لغة إنجليزية وترجمة بجامعة الشارقة. في مصر كنت أتخيل العودة لوحة مشرقة بدون صعاب. لكنها لم تكن كذلك. في طرقات الجامعة أطياف التحرير والثوار كانت تلاحقني وأخبار مصر لم تتركني كشبح سكنني. في عامي الأول في الجامعة قامت فتاة عرفتها بشكل سطحي تدعى زينب مهدي بالإنتحار بعدها بأسبوع أو أسبوعين توفت رضوى عاشور إثر مرضها. كأن الحكاية كانت في طريقها للإنتهاء. الفصل الأخير: الهزيمة. اعتقلت أقرب فتاة مني الفتاة التي كنت أسكن عندها، إسراء الطويل. في طرقات الجامعة أيضا عرفت بخبر خروجها. كنت أعود من الجامعة بأوراق أطبعها في مكتبة الجامعة كي تلونها وأصنع لك ألوان منزلية أفتح لك صفحة كبيرة من دفتر الرسم وأدعك تخرج كل طاقتك فيها. بدأت أمسك بزمام أمور حياتي بدأت أمشي في طرقات الجامعة بدون عرج. إذ ببطني تنتفخ. حمل غير مخطط له. حملت في أختك ليلى. كنت أستأذن من محاضرتي أذهب إلى دورة المياه اتقيأ وأبكي في وقت واحد. في شهور الحمل الأولى امتعنت عن الأكل تماما. كل ما كان يدخل بطني كنت اتقيأه مرة أخرى. بإستدراجي لفترة حملي أتيقن بأن إكتئاب ما بعد الولادة كان يختبأ لي في الأركان ، تحت مخدتي ، وفوق فراشي ،وعلى الأريكة يتمدد. قلت لك قاسم مينفعش تحضنني حضن يوقع عشان البيبي. بعد الولادة ممكن تحضنني حضن يوقع. حضن يوقع هذا شيء خاص بنا يعني أن تقوم بضمي وأنا جالسة إلى أن أسقط. ذات صباح كنت أجلس على الكرسي الهزاز الذي أحضره لي والدك ممسكة بكتاب Techniques and Principles in Language Teaching  وفجأت بدأ ماء الولادة بالنزول. كان كل تركيزي في المادة التي أذاكرها والتي سأمتحن فيها في اليوم التالي. ذهبت لأمي أحكي معها في المطبخ عن كل شيء في العالم وأكلت شعرية بلبن بعدها بكل هدوء العالم قلت لها بلا وعي ماما تصدقي في ميه نزلت.فأخبرتني إذهبي وتأكدي إن نزلت تاني. ذهبت وهلعت ذهبت لها بسرعة لأخبرها وهكذا قام والدك بأخذي إلى مستشفى البراحة. كنت دخلت في الأسبوع الأول من الشهر التاسع. كيس الرحم كان قد ثقب. لا أدري حقيقة إن كان الإنفعال والعصبية بإمكانهما فعل ذلك. جلست في المستشفى نهار كامل تحت المراقبة في الليل أتت لي الطبيبة وعرضت علي قائلة "هنفتح الكيس عشان الولادة تبدأ" وافقتها. كان والدك معي وللتو كان قد غادر. اتصلت له وأخبرته وأغلقت الهاتف لأنه لا يسمح بوجود هواتف تعمل في الغرفة كنت اتألم بشدة فأضغط بكل يدي على كل ما في يدي: الهاتف. ويضعوا لي ماسك التنفس. ولدت ليلى طفلة صغيرة جدا جدا. وصل لي والدك بعد الولادة وحمل طفلته. فور ولادتها وضعت في الحضانة حتى يطمئنوا عليها ثم أعطوني إياها وذهبت لغرفتي في المستشفى كالمنتصرة معي طفلتي وأجلس على كرسي المشفى. أتيت لي في اليوم التالي مع جدك وجدتك كنت مشتاقة لك كثيرا رحبت بك أيما ترحيب وقلت لك تعالا أعرفك على أختك.  كانت هنالك فتاة في الجامعة تمر في الممرات ببطن منتفخ بعد وقت من الزمن كانت هنالك فتاة تمر بعربة طفلة. نعم حبيبي بعد ولادتي بأسبوعين ذهبت للجامعة وبرفقتي ليلى وحضرت بها محاضراتي. قدمت برزنتيشن وليلى على يدي. هل هذه شجاعة؟ أحيانا لا أحب الشجاعة التي تضعنا في مواقف مرهقة. أكثر شخص ربما قدم لي دعم في هذه الفترة كان أستاذ جديد في القسم قادم من إيرلندا "آندرو" حين أخبرته في بداية الفصل بأنني حامل وقد أغيب أيام بعد الولادة نسى أمر الغياب وظل يقول لي بحماس شديد مبروك مبروك وقال لي سنجد حلا لأمرا الغياب يمكننا التواصل عبر الإيميل. هذا الأستاذ كان أب طازج لديه فتاة صغيرة تدعى آليس وامرأته كانت حاملا مثلي. ولدت ليلى وبعد فترة ولدت امرأته صبي. في محاضرته كانت ليلى نائمة. فكان يطلب من زميلاتي بأن يخفضن صوتهن من أجلها. ليلى كانت تنام كثيرا وتنام أثناء الرضاعة. بعد أسبوع من ذهابي للجامعة برفقة ليلى مرضت ليلى ارتفعت حرارتها. وذهبنا بها للمشفى. عارف حبيبي كنت في عجلة من أمري من خوفي عليها ولم أحضر معي ثياب إحتياطية لها. واتسخت ثيابها وقمت بلفها بلفتها وبغطاء الرضاعة هذا آلمني بشدة. حجزت بها في المشفى أسبوع. وكان اليوم التالي علي تقديم مناقشة مع مجموعتين من الطالبات أرسلت إيميل للأستاذ أعتذر عن الحضور لكنه كان يكره الأعذار. شعرت وقتها بأنني أكرهه. أراد أن يقمن زميلاتي بالمناقشة بدوني لكنهن أصررن على تأجيله. وهو أرسل لي إيميل بموعد مناقشة جديد مع ملاحظة إن لم أحضر سيضع لي صفر. وأنا كل تفكيري وقتها كان بنتي مالها؟ بنتي هتبقى كويسة؟ في جدران غرفة المشفى كان اكتئاب ما بعد الولادة يسن أظافره ويستعد لي. قبل أن أخرج بليلى من المشفى أتى موعد المناقشة طلبت من أمي وأبي أن يحضروا لي جلست أمي مع ليلى بعد أن تركت لها حليب وأخذني أبي للمناقشة للمفارقة كانت المناقشة عن تأثير الأم العاملة على الأطفال وأنا؟ شعرت بحنق على العالم وعلى الأستاذ أنهيت المناقشة وذهبت أنتظر أبي في مسجد الجامعة حتى يعيدني للمشفى . كنت اتألم بشدة ولا أدري لماذا. بعدها بيومين خرجت برفقتي حبيبتي ليلى من المشفى وهي بصحة وسلامة حمدا لله. ذهبت بعدها مرة أو مرتين سريعتين للجامعة وكان الفصل قد انتهى. حين حضرت حصة مع دكتور شحدة بدونها سألني أين هي أسجلها غياب؟  ذات صباح شتوي وأنا نائمة، في حضني أختك، كان لدي إمتحان مؤجل في مادة methods of teaching English  وكنت مضطرة لمغادة السرير وليلى كي أذهب لتأدية امتحاني. ذهبت لماما وبكيت في حضنها بشدة لا أدري لما. وتوجهت بعدها لإمتحاني حصلت على B+  في هذه المادة.
بعد إنتهاء هذا الفصل قررت أن آخذ فصل راحة حتى تكبر ليلى قليلا وبعدها أعاود الدراسة من جديد. فصل راحة؟ أي راحة. انتقلنا لمدينة عجمان واستقررنا في شقة خاصة بنا. كنت حينها فريسة سهلة للإكتئاب إنقض علي ولم أعرف كيف أدافع عن نفسي. وحيدة ضعيفة نخر في عظمي. كبلني في السرير. صرت أنام عدد ساعات غير منطقي بالمرة والله كنت أتعب من كثرة النوم. أتت اللحظة التي تصالحت فيها مع أخذي لمضادات إكتئاب كانت لحظة ملحمية. أنا آخذ دواء نفسي. أنا لجئت إلى العلاج النفسي. أخذت دواء بوصفة من أخي دون الذهاب لمعالج. كنت أحتاج أن يأخذني أحد من يدي لطبيب. حدث هذا بعد أن تفاقمت الأمور. حبيبي لا أعرف ماذا كان بي. لا أعرف حبيبي. والله معرفش. كانت أيام صعبة ثقيلة ثقل ليالي شتاء عاصفة. اشتريت بطاقات ذاكرة وكنت ألعب بها معك وتجلس ليلى على بطنها تراقبنا. ونحن نلعب سويا ليلى كانت تتدرب على رفع نفسها من أجل إتخاذ وضعية الحبو. وجودكم كان يشعرني بأنني ملكت الدنيا وما فيها. غرفتكم كانت مكاني المفضل. اخترت أنت سجادة ملونة وأحضرها لك جدك. وأنا اشتريت من سوق.كوم قبل أن يصبح أمازون  زرافة جميلة لقياس الطول. الزرافة هذه كانت سبب خلافات بيني وبين والدك. أنا أحضرتها وطلبت منه فقط إلصاقها وهو لم يلصقها. كنت أشعر بإهمال لأنه لم يقم بإلصاق الزرافة. كنت أحاول إحضاره لعالمنا لكنه كان بعيدا. قمت بإلصاقها أنا.
أخذني والدك من يدي لعيادة الطبيب النفسي. وصفت لي الطبيبة نوع آخر من مضادات الإكتئاب. طبيبة ألمانية نتحدث كلانا الإنجليزية كلغة ثانية.
الإعصار
عدت للجامعة بعد فصل واحد، وكنت منهكة تماما. بدأت إستخدام باص الجامعة. وكنت أصارع الوقت حتى أعود من الجامعة آخذك من المدرسة وأقوم بأخذ ليلى من جليسة الأطفال. أيام منهكة للغاية. استمررت على هذا الوضع لفصلين. لكن قبل التخرج عانيت من أمرين منهكين تماما.  في فترة تسليم مشروع التخرج مع نفس الأستاذ الذي كنت أشعر بمشاعر كراهية تكبر إتجاهه. تعبت فجأة وبعد الفحص كنت أعاني من نوع من أنواع إلتهاب الكبد. وجهي كان أصفر للغاية هذه الأيام. بعد فترة قليلة كنت أصرخ من الألم وأنزف وذهبت للمشفى كنت أعاني من كيس على كل مبيض. قبلها مرضت ليلى ثانية ودخلت بها المستشفى ثانية لبضعة أيام. هل تصدق؟ وسط كل هذا فعلتها يا قاسم سلمت مشروع التخرج برغم كل شيء وناقشته. قبل يوم المناقشة كنت في المشفى لأعرف سبب النزيف. ناقشت المشروع وأتى وقت الإنهيار.
الإنفجار
هل يولد الغضب؟ لقد ولدت غضبا يا قاسم وشعرت بآلام الولادة وصعوبتها. بعد فترة تم تشخيصي ثنائي قطب.
وسط العاصفة
في وسط العاصفة فقدت نفسي غادرت منزلي ولم أعرف طريق العودة له حتى الآن سلمنا شقتنا في عجمان لصاحبها وسافرنا لمصر يوم 1 ديسمبر 2020 انتقلنا للفيوم بدون والدك أقمنا هنالك ستة أشهر ثم عدنا لدبي لمنزل والدي أقمنا هنالك ثلاثة أشهر انفصلنا أنا ووالدك إثر خلاف ما أو ربما العديد من الخلافات النائمة أدت لذلك. في إحدى الليالي بعد مجيئك من زيارة والدك أغضبني شيء ما قلته أنت لي عن والدك ربما تكبر وأخبرك وربما لا فقلت لك قبل النوم قاسم حبيبي أنا وبابا هنتطلق وده قرارنا احنا الاتنين لمدة نصف ساعة لم تتوقف عن البكاء تخبرني مش هنفضل عيلة أخبرك بأن جدة بنات خالك –خالتي-  مطلقة وبأن هذا الأمر يحدث. طلبت مني أن نحضر كلانا يوم ميلادك وإن تزوج والدك لا تحضر زوجته. استيقظت ثاني يوم تشعر بزهو من السر الذي أخبرتك به. استأذنتي أن تنقل الخبر لبنات خالك. قلت لهم عارفين ماما وبابا هيتطلقوا. وعارفين أنا أعرف سر عن جدتكم. بعد ثلاثة شهور في دبي ربما تكون آخر شهور لي في دبي تركتها مع جدك حيث تركها هو أيضا وعدنا لمصر.
في مصر بدأنا بداية جديدة. في مدينة السويس عدنا ثانية حيث ولدت أنت. نحاول صنع حياة لنا. نسكن بيت خالك محمد وبرفقتنا خالتي ماجدة في يوم ميلادك أحضر كعكة صغيرة وهدية لك نيشان. واحتفلنا أربعتنا.
منذ فترة تطلب مني أن تجرب السوشي لا أدري لماذا وأنت إنتقائي للغاية في ما يتعلق بالطعام. كانت ليلى عند جدك وجدتك لا تريد تركهما لأن خالتك زينب في إجازة عندهم وهي تعلقت بإبنتها مارية للغاية يلعبان كلاهما ألعابا خيالية عديدة. أخذتك لمطعم قريب من الكورنيش وطلبنا سوشي مقلي وجربته لكن لم تحبه وتحججت بطعم الصوص الذي عليه ونحن ننتظر السوشي أدرت معك حوار وقلت لي بأنك متقبل إنفصالي عن والدك وبهذا الوضع ستظل عشرة شهور معي لأنك تحبني أكثر وشهرين مع والدك وسيكون لك بيتان.
   أحبك
أعوام كثيرة أفضل وأكثر إشراقا
ماما خديجة
17\8\2022
22 notes · View notes
umqassem · 7 years
Photo
Tumblr media
In reality every reader is, while he is reading, the reader of his own self. The writer's work is merely a kind of optical instrument which he offers to the reader to enable him to discern what, without this book, he would perhaps never have perceived in himself. (Marcel Proust)
1 note · View note
umqassem · 8 years
Text
العام الثالث
صديقي الصغير ها قد أكملت عامك الثالث ، وأنا أذكر أحداث نهاية العام أكثر مما أذكر بدايته ، الصور والفيديوهات القصيرة تسعف ذاكرتي ، وبعض الملاحظات ورسائل للأصدقاء .
كنت قد أرسلت رسالة لصديقتي أخبرها فيها بأنك تتخلص من أي شيء في يديك فور وصولي من الجامعة وتأتي مسرعا إلي ، كنت قد نسيت هذا الموقف تماما ، وأنا التي أعتد بذاكرتي القوية مقارنة بذاكرة والدك وأتضايق حين يصر على رأيه في اعتقاده للتتابع أحداث بشكل معين لأنني أكون متأكدة مما أتذكره بسبب ارتباطه في رأسي بالعديد من الأشياء. حين نسيت ذلك الموقف تماما وحتى بعد قراءتي له لا أستطيع استحضاره ، فكرت في مقدار ضعفنا نحن البشر ، الكائنات التي تنسى والأدهى من ذلك أنها تعتقد بأن ما تتذكره هو كل شيء .
أكتب لك حتى لا تتآكل الذكريات ، ستكبر يوما ولعلك تقرأ هذه الرسائل .
ابتدأ العام بمجيء والدك إلينا ، لن أنسى أبدا الضحكة التي كنت تضحكها حين أتى ، بعدها بقليل ذهب لكي يصلي في المسجد المجاور ، وحين لم تجده بكيت كثيرا ولكنه سرعان ما عاد لأنه ضل الطريق.
بالنسبة لي كان شعورا جميلا أن يأتي مصطفى إلى بيتي ومنطقتي ، الطريق الذي ضله كنت قد مشيت فيه فجرا وأنا صغيرة كي أرى الأسد وجارنا أعادني إلى البيت .
في أول مرة ذهبنا فيها إلى الخارج بعد مجيئه اشترينا لك حذاء لونه أزرق برباط برتقالي ، كانت لدي مشكلة في شراء الأحذية لك لأن بعض الأحذية كنت تتسبب في سقوطك بشكل متكرر حين تلبسها اعتقدت بأنه هنالك مشكلة ما عندك ، ذهبنا لزيارة جيراننا في العيد ومع كل خطوة تمشيها كنت تسقط وكنت أفكر في شراء حذاء طبي لك ، لكن مصطفى أتى ومعه السر أخبرني بأن قدمه و قدمك متشابهتان في عرضهما من الأمام وبات الأمر فقط أن نحرص على شراء حذاء طري وأن لا يكون ضيقا من الأمام ، بعد أن لبست الحذاء الجديد ركضت في مركز التسوق بأكمله ، الأرض مع الإضاءة كانت تصنع بقعا ضوئية لامعة فكنت تركض وراءها .
في أول الأيام كنت تخجل من بابا لدرجة أنك استيقظت ولم تقم بأية صوت ، حين استيقظنا وجدناك جالسا تلعب بألعابك ، لم تكن تصعد على سريرنا في بداية الأيام ، سرعان ما تلاشت هذه المشاعر ، واستبدلت بمشاعر حب و غيرة منه و عليه، تنادي والدك بقولك : (أبويه) ، هذه الكلمة أنت لم تسمعها من أحد و لكن لكي توضح بأنه والدك أنت ، تحب أن تفعل مثل ما يفعل، وأن تلبس ما يلبس ، تجرب أحذيته ،وتقول على صديقه حسام بأنه صديقك أنت أيضا ويسعدك أن تخرج معهما ، وبسرعة تغضب منه و تقول أبويه مش بيحبني، طوال العام وأنا أشعر بأن مصطفى لا يفهمك بشكل جيد، طوال العام وأنا أوجه له النصائح والملاحظات ، في احدى المرات طلب مني عدم التدخل ،كنت نعسانة جدا حينها، هو يناقشني وأنا لآخر لحظة أقول له : إذا إن أردت قول شيء سأكتب لك ونمت . حين استيقظت استغربت نفسي كثيرا وظللت أضحك ، الحقيقة يا قاسم هو أنني لم أكن أشعر بأنني أفهم والدك جيدا وكنت أترجم هذه المشاعر بشكل آخر وهو شعوري بأنه لا يفهمك ، احتجت عام كامل حتى ابدأ شعور الاعتياد عليه لمرة ثانية و فهمه ، عام كامل لكي أقتنع بأنه يعرف كيف يتعامل معك، أحيانا أود فقط أن يأخذك معه إلى الخارج و تقضيا بعض الوقت بعيدا عني لكي أثق في قدرته على التعامل معك .
انتهى العام السابق بقولك لكلمات كثيرة بحرف الدال ددد أدد دد ، و اكتفائك بقول شيء ما بحروف مخلتفة على وزن الكلمة التي تود قولها ، خلال هذا العام مهارتك في الحديث كانت تتطور دونا عن أية مهارة أخرى الآن أنت تتحدث و تحكي أشياءا وأشياء  وفي كلتا الحالتين أنا أفضل من يفهم مقصدك.
لم أكن اقرأ لك كثيرا من قبل فقط كنت أحضر مجلة ناشونال جيورجافي و نشاهد الصور مع بعضنا ، كان نشاطا لطيفا ، لم أعرف كيف ابدأ بالقراءة لك ، صديقتي انجي أرسلت لك مع بابا عددا من القصة و جربت قراءتها لك و فلح الأمر ، أول قراءة تكون مثالية و في كل مرة تطلب مني قراءة القصة مرة أخرى تقل جودة أدائي و أحيانا أنام خلال القراءة ، ماذا تفعل أنت؟ توقظني و أنت تسأل عن كلمة معينة أكون قلتها أثناء نومي ، أحيانا كانت تتداخل الأمور عندي و أجد نفسي قد بدأت بالحديث عن الجامعة و البنات ، على مدار العام كنت تحظى بكتب جديدة ، حين نذهب نحن لشراء بعض الكتب أنت ترغب في كتاب لك أيضا و هكذا كنت تحصل على الكتب نشتري نحن ثم أذهب لقسم الأطفال و نبحث عن شيء ما ، أول كتاب اشتريته معك كان كتابا على شكل باص مدرسي و به الحروف الهجائية ، أنت أردته بشدة ، أحضرناه لك ، و عرفتك على الصور التي بالداخل و أسمائها ، ثاني كتاب كان مجموعة قصصية بعنوان الكتاب الصغير لمعانقة الصغار الكتاب أشبه بدعم نفسي للأطفال ، كل قصة فيه تتكون من صفحتين صفحة بها مشكلة يتعرض لها صغير من صغار الحيوانات و الصفحة التالية الحل و تأتي الأم لتطمأنه مشاكل أشبه بالمرض ، الخوف من الظلام ، الخوف من البرق و الرعد ، سقوط السن ، أخ جديد و هكذا ، مرة عطست نظرت أنت لي قائلا : إنت قنفوذ ، لم أفهم لماذا قلت ذلك أو ما الذي يدور في مخيلتك و لكنني ضحكت كثيرا، و بعدها بيوم أمسكنا بالقصة و حين أتت قصة قنفوذ الذي يصاب بالبرد قلت لي قنفوذ ففهمت مقصدك ، في احدى المرات كان هنالك مطر و برق و رعد و نحن ركوبا في العربة فقلت أنت بم بم كااك مثل قصة الرعد و البرق ، القصة كانت تبدأ بعبارة بم بم كراك لكن أنت كنت تقولها كاك ، في بعض الأحيان حين كانت تأتي هذه القصة كنت تطلب مني تبديل الصفحة ، عمو محمد صاحب عيشة كما تسميه ساهم بشكل كبير في مكتبتك الصغيرة ، في كل زيارة كان يحضر لك كتابا ، أولهما كانا مجموعتين قصصيتين بهما القصص العالمية مثل سندريلا و ليلى و الذئب ، عندي صديقة في الجامعة اسمها ليلى ، أثناء مكالمتي لها بالهاتف حين قلت اسم ليلى اعتقدت أنت أنني أتحدث مع ليلى التي في قصة ليلى و الذئب سألتني عن ذلك بعينان تبرقان . و من المواقف الطريفة جدا أنني كنت اقرأ لك و لهاجر ابنة خالتك قصة عن الأسد ، هاجر تكبرك بنصف سنة تقريبا ، أنت قلت على صورة الأسد أنه أسد ، هاجر قالت لا معزة و كان ذلك سببا في خصومة كبيرة بينكما ، أنت ضربتها لأنها قالت على الأسد معزة و هي ردت الضربة ثم أتى خالو يحيى و فرق بينكما ، جلست هاجر من بعيد و كانت تقول بصوت عالي معزة معزة و أنت تكاد تبكي وأنت تقول أسد ، بعدها بدأت اقرأ لك قصة أخرى أتت هاجر متسحبة و جلست بجاورنا بهدوء بعدها طلبت القصة التي كنت سنقرؤها من قبل و سألتك :ده ايه يا قاسم ؟ فقلت معزة و صرت تردد معزة معزة كأنه اكتشاف و تضحك أكثر في كل مرة ، هذه القصة لا يستطيع أحد أن يحكيها بطريقة مناسبة و مضحكة بشكل قريب من الواقع سوى خالك يحيى ، ظللنا أيام نحكي القصة و نضحك ، يا قاسم الأسد بقى معزة عشان ترضي هاجر ؟ أحضر لك عمو محمد أيضا قصة البطة الرمادية على شكل بازل ، لم أكن أتخيل بأنه بمقدروك لعب لعبة البازل إلا بعد أن أحضرها لك محمد كنت أجلس بجوارك و أقول لك ابحث عن الألوان المتشباهة تركناها قليلا و صرنا نحكي دون فك الصور و بعد فترة صرت تركبها بمفردك دون مساعدات أما خالك إبراهيم فأحضر لك بازل و كنت تركبه و لكن بمساعدتي لأن عدد قطعه أكبر ، في فترة ما كنا نلعب البازل كل يوم و أقوم بإطعامك أثناء اللعب ، لعبت به كل يوم لمدة أسبوعين ثم تركته ، كان في البازل صورة أرنب صغير سألتني أين يديه ؟ فأخبرتك بأنه يمشي على قدماه و يداه ،ثم قلت لك و نحن نمشي على رجلينا، بعدها سألتك من أيضا يمشي على رجلين ؟ فقلت لي القرد ، انبهرت و قلت لنفسي كيف أجاب هذه الإجابة ثم نظرت للبازل مرة أخرى لأنتبه بأن شخصيته الأساسية قرد . في احدى زياراتنا للمكتبة كانت معنا خالتك عائشة ، أحضرت لك أنا كتابا اسمه صغيري الأرنب عن أرنب صغير لا يستطيع القيام بكل شيء بشكل صحيح مثل إخوته الكبار و أمه تشجعه ثم يضايق السيدة خلد فتطلب منه أمه الاعتذار و آخر صفحة تقول بأن الشمس ذهبت و أتى وقت النوم ، تقوم بإغلاق هذه الصفحة بسرعة و تطلب مني إعادة القراءة لا تحب أنت المواضيع التي تخص النوم ، صحيح ؟ و عائشة أحضرت لك قصة بالإنجليزية عن الديناصورات من نوع القصص التي تكون بها صور مغطاة و أشياء تحتاج لرفعها لإظهار صور أخرى ، و بها أيضا بيضة صغيرة تفتحها بمفردك كنت تقول على النونو الذي فيها نونو بتاعي ، طلبت منك سارة قراءة قصة الديناصورات فأعطيتها قصة أخرى و قلت لها هذه قصة كبار ، غضبت منك و لم تأخذ القصة الثانية . في احدى مرات زيارتنا للمكتبة أنا و أنت بحثنا كثيرا عن قصة و فتحنا كل القصص لم نجد قصة مناسبة ثم اخترت أنت بمفردك كتاب اسمه لعبة بيكابو ، الكتاب عبارة عن شيء مختبىء خلف شيء آخر و برفع ورقة صغيرة ترى ما المختبىء ، مثل ماذا يوجد في حقيبة بيتر ؟ فرشاة أسنان . حين كنت اقرأ لك أقول : بيقولولك ماذا ... فأنت اعتبرتها جزءا من القصة و صرت تكرر مثلي حين تود أن تحكي : بيقولولك ...آخر مرة بعد يوم ميلادك زرنا المكتبة و أحضرت لك أربعة قصص من مجموعة الشخصيات ، شخصية عناد و فضول و اجتهاد و كسل ، أعجبوك جدا جدا ، حين تستيقظ من نومك تبحث عنهم لنقرأهم و تعيد تمثيلهم معي.
دائما اسأل أمي كيف كنت و أنا صغيرة و لا تحكي لي الكثير ، مقارنة بحكاياتها عن محمد و إبراهيم أخوالك الكبار ، هل سيقول إخوانك نفس الشيء عنك ؟ بشكل عام كنت مشاغبة و كنت عنيدة و أسب بكلمتين أدّب يعني مأدب و قليل الأدب : أدَب . لو رأيت نفسي و أنا صغيرة أعتقد بأنني لن أكون مختلفة عنك كثيرا ، إنه عام حافل بالشتائم يا قاسم ، تقول زفت(دفت) و في كل مرة تقولها ، أقول لنفسي (يا ربي يا ريته ما سمعها) ، لا توقر كبيرا أو صغيرا ، تقولها لجدك و جدتك و الجميع ، و تعلمت كلمة مؤرف ، لكن كيف عرفت بأنها تجوز أن تقال شكلك مؤرف لا علم لي بذلك ، و كلمة وِحِش بالتأكيد ، وأيضا كلمة إسود ، حين تكون متضايق من شيء تصفه باللون الأسود ، تقول لي : لونِك إسوٍد ، و تقولها لمن تساعدنا في البيت ( مرج) و هي لونها أسود ، كيف أفهمها بأنك لا تعني لونها بشكل دقيق ؟ في مرة أردت الذهاب لخالتك ليلا ، فقلت لي : إنت مش لابسة أبيض ، خالتو بتلبس أبيض ، و الأهم تغييرك لنبرة صوتك و تحويلها لنبرة معايرة ، مرة قال لك والدك أمرا و لم يعجبك على ما يبدو فأعدت جملته و سبقتها بكلمة لا و لكن قلت الجملة بنبرة المعايرة تلك ، لم أصدق أبدا ما حدث أمامي ، تذكرت أجواء المدارس مباشرة ، في فترة ما اكتشفت : ليه أشتم بكلمة واحدة بما إني ممكن أشتم أكتر من شتمة؟ فصرت تشتم بسلسة من الألفاظ ، اسألني أنا عن الشتائم المتسلسة أو اسأل خالك يحيى فهذا ما كنت أجيده معه ،  لكن هذه الفترة خفت شتائمك قليلا ، كنت أخجل جدا إن قلت ذلك لجديك ، أخبرتك كثيرا بأن لا تشتم ، ياسمين زوجة خالك محمد كانت تقول لبناتها بأنها ستضع لهم فلفلا حار ، أنا لم أكن أقول لك ذلك لأنك تراني آكله ، فكيف آكل شيئا أعاقبك به ؟ الأدهى من ��لك أنك كنت تقول للبنات بأنك ستضع لهم فلفلا حارا ، ما العمل معك يا مشاكس ؟ أنا عندي وجهة نظر في أمر الشتائم ، إنها ليست بهذه الفظاعة ، بداية بما أن الأمر خرج عن إرادتي و سمعت بعض الشتائم و استخدمتها فليس من حقي أن أغضب منك ، و الشيء الآخر هو أنك تعبر عن مشاعر سلبية بداخلك و ذلك شيء جيد ، و حتى حين لم تجد كلمة تسب بها فابتكرت كلمة إسود ، ذلك أمر طبيعي جدا ، و بالإضافة أنك بالأساس تضرب ، فتعبيرك عن مشاعرك بالشتائم درجة أخرى أفضل ، و لكن ما يضايقني هو سبك لجديك ، حقا أخجل من ذلك، أو قولك هذه الشتائم لأشخاص لا نعرفهم ، بنات أخي أكبر منك لا يسبون أمام جديهم من الأساس ، أما أنت فبسبب أنك مقيم معهم و بالقرب جدا منهم ، فأنت معتاد عليهم أكثر ، أحيانا تقول لجدك بابا بالخطىء ، لكنك دائما غاضب من جدتك و دائما تشاكس معها ، مع أنك كنت تنام في حضنها و أنت صغير ، و أحيانا تضربها ، أنا أبعد أي شيء قد تضرب به ، أطلب منك ألا تفعل ذلك ، جربت عقابك ، جربت التحدث بهدوء ، تعلمت شد الشعر و في اليوم الواحد قد تكون قمت بشد شعر كلا من بنات خالك الأربعة ، لا يفلح سوى أن أكون معك فأفهم منك ما أغضبك و أتدارك الموقف ، أو أشعر بأنك بدأت تمل و تبحث عن بعض الإثارة فألهيك بشيء ما ،أحيانا كنت أظل أدعي بأن تتوقف عن الضرب ، أحيانا يسألني الناس إن كنت أضربك فلهذا تضرب ، قرأت شيئا ما و جعلني أطير من الفرحة هو أن الأطفال في الثلاث سنوات الأولى ليست لديهم قدرة كبيرة على اللعب مع الآخرين ، و هذا ما أراه أمامي ، قد أراك تلعب أول ربع ساعة بعدها تمل ، ثم تبدأ تضايق من أجل لعب من نوع آخر ، و أنا صغيرة يا قاسم كنت مشاكسة جدا ، حين كبرت بات عندي خوف شديد من إيذاء من حولي ، أحاول تجنب ذلك بمسافات ، دائما أخاف من مضايقة أحد ، أحاول مراعاة الآخرين ، لا أريد لك أن تكون دور المشاغب و أن يترسخ ذلك بداخلك ، لم أكن أتضايق حين يضربك أحد ، حين يقلن لي البنات بأنك ضربتهن أقول لهن ابعدوا يديه عنكن إن اقترب ليضرب، مريم هي التي قد تضربك إن ضربت إخوتها ، و إن ضربت إخوتها أثناء سماحها لك باللعب بلعبتها ، تأخذها منك على الفور ، سارة لا تضربك أبدا ، لكن في مرة ضربتها فضربتك أتيت لي باكيا قائلا :سارة ضربتني ، كان مشهدا عجيبا غريبا ��لي ، و لكن ضربك قل عن السنة الماضية ، أنت و سارة الآن ثنائي مضحك جدا ، باتت (تتقمص منك) بسرعة و تذهب عند والدتها ، و تذهب وراءها لتراضيها ، ذلك بات طقس يومي يتكرر بالعشرة مرات ، أحيانا تذهب وراءها و قبل أن تصل تقول لها لا تذهبي لأمك أو تغلق الباب قبل أن تخرج ، تبكي بشدة ، و بعض المرات تقوم أنت بالدخول عند أمها قبلها ، تكون غضبانة منك ، فتذهب أنت و تجلس عندها ، تعاملك الدائم مع والدة سارة جعلك تتعامل مع بقية الأمهات بسهولة ، أعتقد ذلك ، حاليا زوجة عم والدك أو زوجة صديق أيضا لوالدك حين نزورهم ، تتحدث معهم ، إن قالو أنهوا طعامكم تأكل و تذهب لتقول لهم ، أيضا عند والدة سارة إن أمرت أطفالها أو نهتهم عن شيء تطيعها و تخبرها بأنك لم تفعل الفعل الخاطىء ، تحب الشعور بالرضا ، حساس جدا أيضا ، قد تبكيك كلمة ، لذلك أشعر بأن شخصيتك قريبة جدا مني، هذا الخليط من العناد و المشاغبة مع الرقة و الحنان ، هذه أمك ، و هكذا أراك .
يا عزيزي يومنا يمضي كالآتي نستيقظ باكرا ، يذهب والدك للعمل ، و أنا أتأهب للجامعة ، ثم يأتي جدك إلي ، أحملك و أنت نائم ، و أذهب بك لبيت جدتك ، تستيقظ فور وصولنا و تبكي ، بعض الأحيان كنت تنام عند خالتك ، ذلك كان يسعدني كثيرا إشفاقا عليك من الاستيقاظ الصباحي ، بعد فترة توقفت عن البكاء و صرت فقط تحرص على تذكيري بإحضار حاجة حلوة لك ، تنام أحيانا بعد ذهابي بقليل و أحيانا قليلة كنت تظل مستيقظا ، و أذهب أنا لجامعتي ، الفصل الأول كنت أذهب ثلاثة أيام و لكن من التاسعة حتى الثالثة ، كان شيئا مرهقا جدا لي ، أعود ويحضرك جدك معه في صلاة العصر و تنتظر مجيئي وكل من في المسجد يعلم بأنك تنتظرني ، و هنالك رجل عجوز أحبك كثيرا نطلق عليه :جدو السوري ، كان يواظب على إعطائك الحلوى حين يراك ، أو مالا إن لم يحضر حلوى، حضر يوما إلى صلاة الفجر وقد أحضر معه كيسا به حلوى منوعة لك ،هذا التصرف لمس قلبي كثيرا، الرجل العجوز الذي يتذكر إحضار الحلوى لك، ويحكي لأهل بيته عنك، حين نقابل صدفة أي أحد من نساء بيته ، يسألون عنك، زوجة ابنه قالت لي أنه يقول بأنه يحبك كثيرا وبأنك تقول كلاما كثيرا لا يفهمه، أحب كبار السن الذين مازال لديهم حبا للحياة، اسمه أبوالحسن وآخر مرة رأيته كان يسأله رجل عن عائلته وكان يقول بأنه اثنين من بناته مازلوا في سوريا. سكنا بجانب المسجد الذي يؤمه جدك في أول فصل من دراستي ، بعد مجيئي من الجامعة أول ما أفعله هو إعطائك الحلوى ، حين أراك أرغب في الركض إليك و أكاد أبكي في كل مرة ، كل صباح حين تبكي ، أحاول عدم البكاء و أحيانا أبكي ، بالتأكيد لا أبكي أمامك ، بعد أن تذهب أنت إلى الداخل ، حين عودتي بعد العصر بقليل آخذك إلى الخارج و معك عربتك الصغيرة ، لعبت بها لمدة سنة و نصف لأوقات كثيرة و طويلة ، حتى أتى اليوم الذي كسرت فيه . أحيانا الأولاد الصغار الذين في الجوار يأتون لللعب عند المسجد ، فتجلس أنت تراقبهم و هم يلعبون الكرة ، أحدهم اسمه معز ، أنت تحبه كثيرا و تقول عليه صاحبي ، قبل المغرب نعود إلى الداخل و أثناء صلاة العشاء يعود والدك و يعطيك الحلوى ، هو يحضر لك شوكولاه ، أنا أحضر لك مجموعة أشياء ، بسكويت و كستر و حليب بالفاكهة .
الفصل الثاني اختلف قليلا في بدايته كان والدك قد ترك عمله و يبحث عن عمل آخر ، وجد عملا في مدينة العين قبل امتحانات المنتصف ، و انتقلنا مجددا بشكل كلي لبيت جدتك ، كان يأتي إلينا كل أسبوع ، يوم الجمعة كان يوما للمرح ، كل جمعة نذهب للبحر ، البحر مكان مناسب جدا لك ، تلعب و تمرح و تفرح ، تبذل طاقتك و تسمتع ، أحب البحر جدا و أحبه أكثر لأنك تحبه و تكون سعيدا و مشغولا باللعب كليا حين نذهب ، بعد فترة اشتد الحر و توقفنا عن الذهاب ، ثم أتت إجازتي و انتقلنا إلى العين مع والدك .
هنالك عددة أماكن قضينا فيها الكثير من أوقاتنا ، الممشى الذي في منطقتنا السكنية و ممشى آخر بجانب البحر ، تلك كانت أماكننا المفضلة ، و الأهم أنها أماكن مناسبة لك .
ما الذي أردت قوله لك أيضا يا قاسم ؟ الطعام ، الطعام يا صديقي الطعام ، الطعام يأخذ جهدنا ووقتنا و جزءا من طاقتي النفسية، أياما تأكل بشكل جيد ، و أياما أخرى يكون أكلك قليل جدا، الحليب تشربه أياما بسهولة و أياما أخرى مهما حاولت معك لن تشربه ، طوال العام نتنقل و نقفز من حيلة لحيلة و من طريقة إلى طريقة ، طيارة طيارة حتى وصلت لمرحلة تقول لي فيها المطار أغلق ، و فترة أصف لك مقدار ما أكلته بقول ده (قطمة أسد ، قطمة نملة ) بحسب حجم ما أكلته ،  وصل بي الأمر أنني كنت أطعمك و أنت تلعب بعربتك في الشارع ، معي طبقا وملعقة ومنديلا أغطي الطعام به و أطعمك و أنت تلعب ، اضطررت أحيانا أن أطعمك و أنت تشاهد التلفاز أو بشكل أصح أقوم بتشغيل التلفاز حتى تأكل، في احدى الفترات اتبعت معك نظام السندويتشات ، أضع الدجاج في سندويتش وأطعمك إياه إن لم تأكله وقت الغداء ، في احدى الفترات كنت تقوم بفعل يسبب لي مغصا في بطني، حقا حقا كنت أغتاظ ، أضع الطعام في فمك بعد قليل تقوم ببسقه و تقول لي في شوك ، تقريبا احدى المرات كانت هنالك شوكة في طعامك ، لعددة أشهر و أنت تبصق طعامك قائلا في شوك ، في أوقات أخرى كنت أضع الخضار مع اللحم و الشوفان مع بعضم  البعض و أقوم بضربهم بالمضرب و أطعمك ، وقت الظهيرة أدعك تلعب على عجلتك و أقف في نهاية طريقك أقول لك أنني إشارة مرور و الإشارة الآن حمراء توقف حتى تأكل ، كنت تأكل و أحيانا تحتال علي و تلف قبل أن تقترب مني ، و أحيانا تقول لا الإشارة خضراء ، تحب المكرونة لكن بدون صلصة تحب الدجاج أكثر من بقية اللحوم ، السمك لا تأكله دائما، إن لم يكن طريا تبصقه ، تحب الروبيان ، لا تحب أي نوع من أنواع الخضار سوى الملوخية ، البازلاء أحببتها لأنها على شكل كرة لكن تأكلها مع شورية الخضار وليس مع الصلصة ، لا تحب صينية البطاطس و لا تحب البطاطس إلا إن كانت مسلوقة و مهروسة أو مقلية بالطبع . تجاربي مع الحليب كثيرة، بداية لم أرد أن تشربه بسكر ولم تكن تتقبله كثيرا ، استسلمت  وبت أقوم بتحليته ، تحب الكاكاو وحين ينفذ من البيت تقوم بمناحة وتذكر جدك وتركض قائلا الكاكاو خلص ، حين يحضره جدك يسلمك العلبة في يدك ، يأتي وقت تمل من الكاكاو ، جربت أن أحضر حلوى مالتيزر التي على شكل كرات و أضعها لك في الحليب ، صنعت لك مشروبا من الحليب مع النوتيلا فأحببته ، جربت الحليب مع العسل لعدة أيام لأن في فيلم بونيو أم ساسكي تقدم لهما حليبا بعسل و بعد فترة لم تعد تحبه ، آه صحيح لا تحب الزبادي لكن تأكل المضاف إليها فاكهة، لا تأكل أي نوع من أنواع الجبن سوى و يا للمفاجأة : تأكل الجبن الرومي ، لماذا ؟ لأنك رأيتيني أعد لوالدك منها و قلت لك بأن والدك يحب الجبن الرومي ، فصرت تحبه أنت أيضا . لا تحب الطماطم لا تحب الجزر احدى الفترات كنت تحب أكل الفلفل ثم توقفت ، تحب الخيار ، تأكل الموز و أحيانا تغضب عليه ، أضع الموزة فوق رأسي و أنت تتسلق و تأخذها و تقول بأنك قرد و أحيانا تتسلق دون موزة رغبة فقط في التسلق ، تعشق البطيخ و تحب المانجو ، أطعمك التفاح و أحيانا أثناء تقشيره و تقطيعه كنت أحكي لك قصة حياة التفاحة التي تأكلها تبدأ من المزرعة ثم السوق ثم يتشريها جدك ثم تحضرها ماما تغلسها تقشرها تقطعها و تأكلها أنت . حسنا أعود و أقول لنفسي لا تفكري قليلا واهدئي قبل النوم أحاول تذكر ما قد أكلته لأطمأن ، أحيانا أشعر بأنني سأجن ، سأجن من خوفي عليك ، و في أوقات أخرى الحمد لله كنت تأكل بشكل جيد ، تمشي بمبدأ التجميع ، تأكل قليلا من هذا و قليلا من هذا ، أقول لماما قاسم (بيلقط) و لكن لا مشكلة ، في أوقات أخرى تطلب مني الأكل قبل النوم ، في الفترة التي كنا فيها نعيش قرب المسجد لم يكن عندي مطبخ و كنا نأكل عن جدتك و في منتصف الليل تقول لي : عايز رز ، احدى المرات ذكرت لي كل أصناف الأكل : قلت لي رز دجاج سمك ، أنا يومها قمت أعدت للنوم ونمت أنا، حين قلت لجدتك قالت لي لم أنمكم يوما  وأنتم جائعين ، لكنني أعرف بأنك تقول ذلك حتى لا تنام أو قد كنت مخطئة آسفة ، بعد ذلك صرت أحضر معي رز ، لكي يكون موجود إن طلبته ليلا ، مرة كنت أغني لك يا أولاد يا بنات اشربوا الحليب ، غضبت و قلت لي البنات بس يشربوا الحليب . حكايات الطعام كثيرة ، آسفة إن غضبت منك حين تبصق طعامك ، هذه مسؤولية كبيرة ، أنت بصحة جيدة الحمدلله ، لكنك نحيف ، أن تكون مسؤولا عن طعام شخص آخر أمر شاق ، ما استغربه حقا أن تحرص ماما على طعامنا و نحن في هذا السن ، ماما حبيبتي ألا يكفي تحمل المسؤولية و نحن صغار ، أحلم بأن تكبر و تأكل بنفسك ، حاليا أحاول تركك لتأكل بمفردك و أحاول أن لا أحمل الأمر فوق ما يحتمل ، أحيانا يحتاج ذلك مني إصرار أو قراءة قصة أثناء الطعام ، ها أنا أحاول ، أحبك يا عزيزي .
في عامك الأول لم يكن لدينا تلفاز في البيت ، في العام الثاني في بيت جدك كنت تشاهد قليلا فقط لم يكن يشدك بعد ، أما هذا العام و من حيث لا أدري بدأ تعلقك بالتلفاز و جلست عليه لأوقات كثيرة ، أحيانا كنت تذهب عند جدك كي تشاهد التلفاز في فترة ما كنت تراه بكثرة و لم أعي الأمر ، و بعد وقت صرت أقول لك بأنه لا يعمل و طلبت من (مرج) أن تقول لك ذلك ، و حدث خلال أسبوع ما هو اسوأ ، كنت مضغوطة في الجامعة و تركت هاتفي معك ليلا ، لم أدري بنفسي و حين تنبهت توقفت عن الأمر بشكل تام لم أعد أقوم بتشغيل أي شيء على الهاتف ، آسفة على ذلك أشد الأسف يا صديقي ، تداركت الأمر ، ما كان يألمني بشدة هو أنني لست ممن لا يعلمون ضرر التلفاز أنا أعلم و لهذا كان الأمر قاس علي ، احتجت وقتا حتى استوعب أنك تشاهد بكثرة ، لم أتعمد ذلك حدث الأمر فجأة و إن أغلقته عندنا كنت تذهب و تشاهد مع بنات خالك ، براعم كانت شبه مناسبة و أغلقت و التلفاز لم يعد مناسب ، و أنا معك كنت أقوم بتشغيل فيلم و أتابعه معك و تسألني و أجيبك ، شاهدنا فيلم بامبي و دامبو مئة مرقش ومرقش وأليس في بلاد العجائب هذا أحببته بشدة و قد كان اقتراح خالتك عائشة ، هي من قالت هذا الفيلم سيعجب قاسم و عيوش الصغيرة ابنة خالك، وقد كان كلامها صحيح.
هذا العام كان عام أول دراجة هوائية لك ، كان اقتراح والدك ، لكنه أراد شراء دراجة ليست كدراجات الأطفال التي بها ثلاث عجلات إنما دراجة بعجلتين ، لم اتفق معه ولكن تركته يشتريها لك ،بداية كنت تبدل في الاتجاه الخاطىء ، تجلس وتطلب مني تحريك الدراجة، حاولت تعليمك الاتجاه الصحيح ولم أفلح ، بعد عددة شهور و بشكل تدريجي بدأت تتعلم، في احدى المرات ووالدك في العين بدلت العجلة بشكل صحيح ،وحين أتى فوجىء بك و أنت تقودها كان سعيدا جدا بذلك . و في هذا العام أيضا كانت أول زيارة لك لحديقة الحيوان بصحبة توتو وعلي أبناء عم والدك أصدقاؤك الجدد ،منذ اللحظة التي وصلنا فيها وأنت تقول أود رؤية الزرافة ،زرت البحر مرتين من قبل ولكن هذا العام كان أول مرة تجرب فيها السباحة أو بمعنى أصح اللعب بداخل الماء وعام ترك الحفاضة ، هذا الأمر أسعدك بشدة و جعلك تشعر بأنك كبير، تقوله لكل من تراه ،وعام ارتباط خالتك عائشة بمحمد صاحب أبويه ، سعادتك بزيارته لا تقل كثيرا عن سعادة خالتو عيشه ، يأتي وتعد حلوى لذيذة في المنزل ويحضر لك هدية في كل مرة ،كأننا في عيد وكأنه بابا نويل ، عام تجمع أخوالك و خالتك لأول مرة منذ ما يقرب ثمانية أعوام في خطوبة خالتك .
حين كنا نجلس أنا ووالدك بجوار بعضنا ونشعر بالحزن والخوف بسبب أشياء كثيرة، كنت تجلس بجاورنا تقول شيئا مضحكا أو تقوم بتصرف ما ، ننظر لبعضنا ونضحك ، أنت كنت الشيء الجميل في عامنا هذا ، إن لم نفهم أنفسنا بشكل جيد ، أنت كنت الشيء الواضح أمامنا حتى في غيرتك ، عام التجارب الجديدة ومكان جديد لوالدك ووظيفيتين جديدتين ،عام أساتذة جدد لي ومواقف جديدة. تعلمت يا قاسم بأننا بقدر ما نحتاج أن نفهم أنفسنا ونخطط لما سنفعله لكي نحمي أنفسنا من أن نصبح ما لا نريده ، نحتاج في بعض الأوقات أن نغلق أعيينا كي نمشي على الخط الرفيع دون أن نسقط.
 أحبك
0 notes
umqassem · 9 years
Text
صار عمرك سنتين
صديقي الصغير، ها هو يوم ميلادك قد أتى ، و ها قد صار عمرك سنتين (اتنين) ، الأيام تمر سريعا ، هذه ملاحظة الناس الدائمة ، هل كانت تمر بسرعة أقل من قبل ؟سنة وراء سنة و يوم و يوم آخر و كل شيء يكبر اتأمل في صور جماعية مع الأصدقاء فأجد العديد من الطرق المختلفة التي قطعها من جمعوا يوما في إطار صورة لاسأل هل حقا كبرنا ؟ أم لم يكبر أحد ؟
 ..
 كان عاما طويلا جدا يا قاسم و كان ليله أطول ، عام من اللحظات الجميلة و الانتظار و التجارب الجديدة لي و لك  و حياة عامة تحاوطنا نتأثر بها و لا نؤثر و نحاول الهرب من ظلالها ، و حزن نبت في قلبي حاولت مداراته عنك فغاب أحيانا لما بعد نومك و ظهر في أحيان أخرى .
الدراسة من جديد .. العودة إلى منزل أسرتي .. البعد عن والدك
قد يكون الأمر بالنسبة لك : بيت جديد .. أصدقاء صغار كثر .. ماما تغيب عني لكنها تعود دوما لاحقا .. هنالك واحدة تشبه أمي .. بابا أصبح بداخل الهاتف و قد جربت مرة أن أضع قدمي بداخله لكن لم أستطع المجيء إليه .
 ..
 قلق الأمومة و سؤالي الدائم لنفسي : هل أبلي بلاء حسنا ؟ و ضعف صوت والدك القائل : (إنت أجمل أم في الدنيا) ، المشاعر السلبية التي تجتاحني ، شعوري بأني غبية و فاشلة ، غضبي من نفسي و غضبك مني حين يحتدم خلاف ما بيننا فتنظر لي بغيظ و تضربني ، و حالة من تأنيب الضمير ترافقني .
 ..
 عمر السنتين ، عمر حركة كثيرة ، لا أجلس لدقيقة واحدة حتى ابدأ بالتأكد من مكانك ، و موضوع استنكاري الذي لا يتغير في كل ليلة :لماذا أنا منهكة هكذا ؟ ثم عدم إيجاد مجهود جبار قمت به ليؤدي لهذه النتيجة ، أنت تجعلني أفكر بجهد في أكثر من مسألة في وقت واحد ، ترغب في شيء من الخطر عليك الإمساك به أو ليس لي و قد تتلفه ، تحصل على شيء مؤذي لك و لغيرك و ما بين قولي دعيه يكتشف لا تكوني الشخص المزعج هنا و بين خوفي و تحذيرات الآخرين ، أحاول بهدوء أحيانا لفت نظرك لشيء آخر ثم آخذ الأول أو اضطراري لأخذه مباشرة ، العالم كله لعبة كبيرة لك ، ثلاجة الماء .. مفاتيح الكهرباء .. مفاتيح الأبواب ..المكنسة .. أي شيء يحوي أزرار .. و أي شيء قد تمسكه ثم تقول : ماذا لو قمنا برطمه بالطاولة ؟ فتجرب ذلك مباشرة ، تصدر أصواتا مزعجة أو تكسر كوبا ثم تحاول اتنشال قطعة زجاج بسرعة . الخطوة رقم واحد : ابعادك عن مسرح الجريمة ، الخطوة رقم اثنين : تنظيف الموقع .
 ..
 تحب الكرات كثيرا ، و لكن حبك للسيارات فاقها، يقولون بأن الصبيان يحبون السيارات ، حاولت البحث عن سبب أو بداية ، في صغرك حين كنا في مصر كنت تبكي خلال الدقائق القليلة التي يضعك فيها والدك معي و يتجه إلى الجانب الآخر ليركب و حتى تبدأ السيارة بالحركة ثم تنام مثل غالبية الأطفال ، حين بدأت بالمشي و صرت أرافقك في الجوار كنت تقترب من سيارات الجيران و تتحسسها بيدك ، و من ثم هذا العام كنت تشاهد جدو في السيارة و إن وقفت بجانب المنزل تشاهد سيارة قادمة و أخرى ذاهبة و ثالثة كبيرة لنقضي الكثير من الوقت في البكاء لأنك تريد الـ (بي��ه) و وقت آخر لأنك تريد المفتاح و وقت في مشاهدة الكرتون و لمح سيارة في الخلفية و وقت في رسم السيارات و وقت في تعلم الألوان عن طريق ألوان السيارات و وقت في حكي قصة قصيرة ( بيّه بيب بيب أن أن ددّو ) ، و انتهى العام بقولك شيء أشبه بـ (تووء تووء ) و هذا يعني طلبك القيام بقيادة السيارة .
 ..
 حفلة الشاي العصر التي نحاول فيها استجماع بعض هدوئنا لبقية اليوم و تحولها في البدء لطفل صغير يطمح بالمشاركة مثل غيره ، فأعد له كوب خاص من الينسون أو النعناع و أقول له شايك و لا أغير في الاسم حتى لا يشعر بالفرق ، إلى طفل يراقبني و أنا أضع السكر و الحليب و أقلب ، ثم يطالب بسكر و حليب له فيشرب النعناع بالحليب ، و نصل ختاما لمرحلة الطفل الواقف على الكرسي الذي يظن نفسه كبيرا و يرافق أمه إلى المطبخ ليعطيها توجيهات تخرج الأكواب إن نسيت شخصا يذكرها ، يغلي الماء يقف ليقول لها أن تضع في جميع الأكواب  ثم يود هو أن يضع السكر و يقلب للجميع .
و طفل كان يبكي على كل كوب قهوة و حين يأس صار يستيقظ من قيلولة الظهيرة باحثا عن بقايا أكواب ليشرب أي شيء باقي في أي كوب .
 ..
 كنت أقوم بتسجيل فيديوهات قصيرة لك و أرسلها لوالدك و هذا يكون غالبا في منتصف الليل حين لا تنام و أجلس أنا منهكة ، حكت لي عمتك إيمان عن فيديو قصير كنت أرسلته شاهده مرات عديدة كلما توقف قام بإعادة تشغيله ، كان يقول لي : قاسم كبر كثيرا ، أنا كنت أرد عليه قائلة: كل الأحداث المهمة حدثت فعليا في وجودك و هذه تطبيقات عليها ، كنت خطوت خطوتك الأولى و هذا العام أصبح مشيك أكثر ثباتا بدأت تركض و بدأت تقفز أغني لك اقفز اقفز يا أرنوب فتقفز و لكن القفز أيضا تم على مراحل . كنت قد نطقت كلمتك الأولى في مصر و كانت : باي ، و كنت تقول لي بابا و لمصطفى ماما و أحيانا نحن الاثنين ماما أخرى نحن الاثنين بابا و قد تقولها بشكل صحيح مصادفة ، الآن تجاوزت هذه التشوش و تعرف بوضوح من بابا و من ماما تناديني إمي و لا أعرف لهذا النطق الشامي مصدر سوى عرق فلسطيني ضعيف جدا لأخوال أمي إن كان سيكون له أثر ، أول جملة كاملة قلتها كانت (ددو بيه باي أبر ) و ترجمتها أن جدك ذهب بالعربة أكبر يعني ليصلي ، أكثر كلمة تقولها هي : دأه (لا) ، أحاول عرض عليك أشياء تحبها حتى تتعلم قول نعم ، قصة نطقك لاسم خالتك عائشة كالآتي سمعت هاجر تنطق اسمها و عائشة كانت سعيدة جدا بذلك قبل أن نقوم من مجلسنا نطقت اسمها قلت عيّش و كان تعليق عائشة أنك تعطس اسمها حرف الشين أجبرت نفسك على نطقه و حرف اللام لم تنطقه بعد ، حرفك المفضل هو الدال أي حرف لا تستطيع نطقه تستبدله بالدال فتبدأ العديد من الكلمات بحرف الدال ، سارة ابنة خالك محمد تقول عن نفسها سوسو و أنت بدورك جعلتها دوسه الاسم حركي جدا و قبلها كنت تقول لها بارة ، سارة هي صديقتك لهذا العام ، تلعب معها و تضربها و تود أن ترغمها على أن تلعب معك أو تتواجد في مكان أنت فيه و تود إجبارها أيضا على شرب الماء حين تشرب ، لن أخفي عليك لكن ضربك لها كان يسبب لي مشكلة ، أنت كنت تمسك أي شيء و تجرب أن تضربها به هي كان لديه تقدير أكبر لخطر كهذا ، كنت أستغرب من نفسي أن أقوم بفعل ما قرأته من خطوات هادئة تتخذ عند هذه الأفعال لأني أشعر بأنني سأكون شخصا باردا جدا إن قمت بذلك ، أخاف على سارة و أخاف من شدة الضربة ، أيضا يقال لي بأن الصبيان هكذا ،نقول لك قل آسف تقول لها : آسفة فترد عليك هي : آسفة و إن حضنتها تقبلك ، ثم قد تعود لفعل ذلك بعد قليل ، و إن قامت احدى إخواتها بضربها تذهب أنت و ترد الضربة و إن لم تضرب سارة رأيت شعر عيوش أمامك فتقوم بشده و عيوش المشاكسة التي تضرب أخواتها الأكبر و سارة الأصغر ضربت منك و أحيانا تستنجد بهدوء غير معتاد منها ، أنا أحاول إزالة أي شيء إن ضرب به قد يكون مؤذي ، الناس يعتقدون بأن هذه الأمور ببساطة أن الأهل لو لم يتدخلوا و يتكلموا فكل شيء على ما يرام ، أنا كنت أشعر بخجل شديد و ليس لي الحق أنا أعاتبك بقوة لأنك صغير كنت أراقب بشدة إن تواجدت معكما و حين لا أكون موجودة أشعر بتأنيب ضمير ، مع ذلك مع كل ما تفعله لسارة هي تحبك جدا و متعلقة بك جدا ، قد يكون السبب هو تواجد شخص بحجمها ، نراقبكما و نستغرب من اختلافكما ،  حنونة جدا معك أحيانا تقف وراءك و تضربك لكن بخفة ، أنت أفضل ما تفعله هو أنك تريد من كل شيء اتين لتذهب و تعطيها واحدا ، حتى الآن لا أعرف من معقد أكثر البنات أم الأولاد ، أحيانا أشعر بأنك حساس أكثر ، و هي أشعر بأن إدراكها العاطفي متطور عنك ، أيضا مريم أختها الكبيرة و يوسف ابن خالك إبراهيم لاحظنا هذا الاختلاف بينهما ،بشكل عام قد تكون البنت تعتقد بأنها معقدة و لكنها في نهاية الأمر تظهر مشاعرها ، الأولاد يعتقدون بأنهم بسطاء و قد يكونوا كذلك حقا في الأمور اليومية و لكن في الأمور الأكبر فهم ليس لديهم القدرة التي لدينا على إظهار مشاعرنا ، نحن البنات قد تكون قوتنا على مواجهة الأشياء الكبيرة مصدرها أننا بالأساس كل شيء كبير عندنا ، في غياب والدك أن صرت أكتب يومياتي ، بنيت قرية كاملة من الكلمات و المشاعر ، هو كتب لي فقرة متوسطة الطول ، و حين يحزن أجده فجأة صمت و كأنه في مكان آخر يظل هكذا لمدة نصف ساعة ربما ثم يضحك ، لا أعرف فيما يفكر و لا أجد بأن سؤالي سيفيده في شيء .
 ..
 و هكذا يا قاسم عدت إلى بيتي إلى غرفتي و سريري ، عدت لأتجاوز سلمتي الصالة الصغيرتين إلى فناء المنزل قفزا كما كنت أفعل دائما فأكون كشخص بالغ قبل تخطيهما ثم ألج عالم طفولتي و أشعر بنسمة هواء جميلة آتية أتنفسها . الفتاة التي عاندت الجميع لتذهب إلى مصر بعد الثورة ، الفتاة عادت مرة أخرى و كأنه لا يوجد شيء صغير واحد بقي على حاله و كأن هذه كانت تتمة واجبة لكل ما حدث .
عدت بباقات زهر ذابلة ، أحداث ثلاث سنوات في القاهرة صارت ذكريات ، أحيانا كنت أتذكر أشخاص هامشيين جدا أتذكر تعليقاتهم وجوههم أحاول الكتابة و لا أقدر و سؤال الثورة الذي ابتعدت عنه و أجلت فهمي و لكن الأمر كان أشبه بلعبة بدأتها لا تنتهي حتى لو أردت لها ذلك ، الأخبار السيئة الدائمة ، الدائرة التي تقترب و تكاد تخنقكك و كأن ابتعادك عنها كان مجرد إلتفاتة قصيرة أنجتك من مصير مقرر .  
ما بين محاضرة و أخرى كان عقلي يحدثني بأن الحياة هادئة جدا و لا تصلح للعناوين الكبيرة ، كل شيء هادىء و بارد ، الأستاذة في الجامعة يمشون ببطىء و من ورائهم هم أيضا حيوات و تجارب كثيرة من درس في فرنسا و هو شاب و اسأل نفسي هل كان يشبه من يقف الآن ؟ من يحبه الجميع ، من مازال متعلق بمكتبة والده في مصر الجديدة و يحكي لنا عنها كنا في مكتبة بداخلها بيت و يضحك ، و يحكي عن جارتهم مدرسة الموسيقى التي تصلهم ألحان البيانو الخاص بها و عن والدته التي تتقن الإنجليزية و الفرنسية ، مع ذلك كل شيء شديد اليومية ، الحياة يومية جدا أكثر مما يريد الناس لها أن تكون .
حين أمشي في ممرات الجامعة و أسمع أغنية في الطريق تضيف على كل مشهد اعتيادي أراه شيء ما ، و تجعل كل ما حولي جزءا من الأغنية ، قد تكون الحياة بلا أغنية و قد تكون أغانينا هي ما نراه . الصباحات الدراسية جميلة يا قاسم ، تأخذني من مكان إلى مكان آخر و تطير بي بعيدا لا أعرف بعد ما الذي سأفعله بعد الجامعة ، أحيانا أفكر بالراحة و أتخيلني بفستان زهري على كرسي هزاز و أتخيلك أطول قليلا و تلعب من حولي و أنا ممسكة بكتاب اقرأه ، لي بطن منتفخ ربما ، أحيانا أخرى أشعر بأن الحياة الجامعية تستهويني أقول بأنني لا أريد أن أقف بين طلاب لا يهمهم ما أتحدث عنه ثم أعود لأقول أعرف بأنهم قد يحبونني و بأني من حيث لا أدري أؤثر في الآخرين ، أتخيلني هذه المرة ببدلة أنيقة و حقيبة جلدية مثل التي يحملها الأساتذة و أمر لأحيي الطلبة ، في خلفية ما في رأسي أسماء لجامعات كبيرة اتساءل هل في يوم قد أكمل دراستي في إحداهن ؟  
 ..
 هذه المرة لن أقوم بتقسيم الرسالة للمراحل التي كنت تنتقل بينها العام الأول من حياة الطفل يكون به الكثير من المراحل العام الثاني فقط بين فترة و أخرى نجدك تتعلم أشياء أكثر ، بدأت تحاول إبراز رأيك بقولك لا ، في فترة ما كنا نتحدث و نجدك فهمت ما نقوله لتذهب و تقوم بأي فعل يوضح فهمك ، الكثير من الذكريات و المواقف التي أتذكرها دون ترتيب ، أنت طفل تحب اللعب مع الآخرين ، هنالك جزء مشاكس منك يحب الإغاظة ، احدى طرق لعبك الضرب ، بعد مجيء والدك كان يلعب معك فضحك و قمت بضربه على رجله أيضا بالأمس قمت بنفس الفعل معي هنالك ضربة في وقت اللعب تعني كيف حالك يا صديق ؟ تسقط الكلفة بيننا فقط ، تبكي بشدة على مواقف بسيطة لا تحب أن يقال لك لا ، أحيانا أحاول إلهائك عن شيء ما و لا تريد أن تنسى أبدا ، جدتك سافرت لخالتك زينب لأنها كانت على وشك ولادة ابنتها الثانية مارية حين أتت مرة أخرى كل الأطفال قاموا باحتضانها حتى سارة ، أما أنت نظرت لها ثم بعد قليل أخذتها من يدها إلى دولابها و قلت لها : بان (علكة) و كأنك بهذا تأكدت من أنها نفس الشخص عندها علكة و في نفس المكان الدائم ، أتى إلينا خالك عبدالودود في زيارة ، كنت تنظر لأي شيء مع لينا ابنته و تريده و حين خرجنا سويا أردت الجلوس على عربتها و حين جلست كنت تنظر نظرة سعادة و انتصار ، عائشة خالتك تحبها و تحب إغاظتها كأنها أختك ، والدة سارة كنت تقول لها ماما مين (ياسمين) .
عائشة علمتك أغنية ماما زمانها جيه في احدى المرات و أنا في الجامعة تغنيها أنت ماما ديه ديه ، أنا علمتك مقطع وصفولي الصبر و كنت تغنيه معي و علمت قمرة يا قمرة و عصفور طل من الشباك أغني جملة و ترد بكلمة منها .
 ..
 الآن بدأت أفتح عيني ، مازلت هنالك أمور غير واضحة بالنسبة لي ، كمن قال لنا بأن العالم مكان جميل ؟ أحاول أن أنبش في ما هو مخبىء في كل يوم ، بعد كل ذلك ما يسعدني حقا أن أجلس لأكتب لك هذه الرسالة و أستعيد الذكريات لأفكر بأنني كنت أمشي في خطي الخاص المليء بالتعرجات و أنت في خط موازي لي ،كان الخطان يتلاقيان أحيانا ، كلما أدرك الأهل بأن واجباتهم ليست بالحجم الذي يتخيلونه كلما هدؤوا أكثر و عرفوا كيف يتصرفون جيدا ، أنت تتطور و تكتشف و تتعلم و أنا يجب أن أبتعد مسافة قصيرة، أشاركك و أحفظ كل تلك الأشياء الجميلة ، أحاول تعلم مهارة أن أقوم بأمرك و نهيك لست جيدة في ذلك ، أحاول دوما تجنب و إبعاد كل ما سيكون محل نقاش و ترك المتاح قريب ، في احدى المرات بيأس شديد قلت لك على شيء لا يا قاسم ده كخ فاجئتني و قلت : دخ ؟ و تركته لم أصدق بأنك أطعتني ، أدرب نفسي أيضا على مهارة إقناعك ، أنت إن قمت بإجبارك على شيء تحتاج إلى وقت طويل حتى تعود إلى طبيعتك لا تحب أن أجبرك أبدا إن قمت بإدخالك لكي تستحم دون موافقتك بعدها ترغب في أن تخرج حين تريد أنت ذلك ، أحيانا كنت لا تسمح لي أبدا بتغيير الحفاض أقوم بإزالة ملابسك تبكي و تقول لي عيب (ايب ايب) و بعدها بأسبوع بعد الاستحمام ترفض أن تلبس قطعة ملابس واحدة و تظل على هذا المنوال فترة ترفض ذلك و فترة ترفض ذاك . هذه الأيام أحدث الدكتورة في الهاتف (حديث وهمي أشعر بغرابة و أنا أفعل ذلك لكن أنت تصدق و تتفاعل و خالتك عائشة علمتني ذلك ) و تخبرني الدكتورة بأنك ستشعر بألم في بطنك إن نمت بدون ثياب فتستجيب و ها أنا أحاول الحفاظ على هدوئي و استخدام مهارات الإقناع .
 ..
تابعت معك براعم ، و تعلمت أنت منها كلمة هيا من برنامج ألوان و حروف لأن أغنيته كانت هيا هيا هيا ، هيا لحديقتنا هيا ، و صرت تقول هيا دائما و ذلك كان شيئا بالغ الـ ، cuteness
أنا أحببت برامج براعم و أنت أحببت أغانيها ، سارة كانت تحب أوسو ، عيوش أختها التي تسميها أنت (أوش) ذكرت كلمة عميل سري في كلامها فردت سارة أوثو . كرتون هل تعلم كم أحبك رقيق جدا و حين تكبر قليلا و تفهم سنتابعه مع بعضنا ، هنالك كرتون آخر عن الحيوانات في احدى حلقاته هنالك حيوان توفى حيوانات الغابة تناقلوا الخبر عن طريق الهمس في أذن بعضهم ، لا أحب قول الأشياء السيئة ، هذا العام حدثت أشياء سيئة .
 ..
 أنت تعلمني يا قاسم ، تعلمني أن الحياة أساسها الحركة ، في كل شهر في حياتك تطورات جديدة و فهم أكثر ، أجرب معك طريقة ثم يزول مفعولها و أحاول التفكير في شيء آخر ، تعلمني يا قاسم و أتعلم منك و أرغم على مواجهة المشاكل دون الهرب . 
أحبك
كل عام و أنت بخير عزيزي
4 notes · View notes
umqassem · 10 years
Text
قاسم العام الأول
قاسم بني الصغير ، غدا تكون أكملت عامك الأول ، الوقت معك يمر سريعا ،مر عام كامل و نحن الاثنان مع بعضنا لا نفترق إلا قليلا ، وجودك طاغي بطريقة سحرية لدرجة أنني أتخيل بأنك كنت موجود على الدوام .
..
أتذكر دوما لقاؤنا الأول : الممرضة حملتك إلي و أنا مازلت في غرفة الولادة ، كنت أسمع صوت بكائك و ظللت أهلوس و أقول لهم أحضروه إلي هو يريدني . هكذا حملتك الممرضة و وقفت بك بجانبي لدقائق كنت أنظر لكائن صغير بشعر !
..
لا أنسى أبدا أوائل أيامك ، كنت تفتح فمك و تهز رأسك و عيناك مغمضتان ، عشت معك حالة من السكون ، أنام بجانبك ، أراقبك و أنت نائم ، أنظر إليك طوال الوقت .
..
العالم بالخارج لم يكن هادئا ، حدث انقلاب عسكري في مصر ، و الكهرباء التي كانت تقطع في عهد مرسي عرفنا بأنها تقطع عمدا ،و بعد الانقلاب مازال قطعها مستمر ، في احدى الليالي قطعت الكهرباء و أنت كنت جائع لم أكن أرى شيئا من حولي ، وقفت بك عند النافذة ليصل لي ضوء من الشارع و أنا أبكي و أفكر ما هذه البلدة طفل صغير يود أن يأكل و لا يستطيع !
..
بعد عدة شهور و أنت تكبر ، بدأت أرى أطفال أصغر منك و استطعت توصيف الحالة الأولى لك و هي : ( اللا ملتفت ) ، هكذا يكون الأطفال في شهورهم الأولى أشياء بجلد مجعد طري و وجه ينظر في اتجاه واحد.
..
ضحكتك الأولى الحقيقية كانت بعد اتمامك الشهر الأول ، بعد فض رابعة بأيام ، كنت قد أطعتمك و جشأتك و بعدها قمت بعمل مساج لبطنك ، (فضحكت).
..
كنت أبكي كثيرا أيامها ، أمي كلما رأتني أبكي عنفتني و قالت لي : لا ترضعيه الآن . أنا كنت أرى بأننا أنا و أنت نعيش الحالة ، هذه ليست دموع حزن ، لا أملك القدرة على تصنيفها ، لم أكن أم مكتئبة ، كان يجب أن أبكي .
..
سافرت أمي و بقينا بمفردنا ، كنت خائفة عليك مني ، لم أكن أعرف الكثير ، و لا أعرف ما الذي لا أعرفه ،فكنت أخشى حدوث مواقف لا أستطيع التصرف فيها ، دوما كنت آخذك لحضني بشدة لأن صورة سقوطك من يدي كانت تأتي على ذهني كثيرا .
  ..
بعدها بثلاث جمعات ، كل جمعة نزل فيها والدك إلى مسيرة كنت أبكي قبل أن يذهب و إلى أن يرجع ، رائحة الموت كانت في كل مكان ، أنا كان عندي حالة من الرفض للموت بهذه الطريقة ، كنت أبالغ قليلا كنوع من رفضي لتقبل الموت هكذا ، حتى أنني كنت أخبر والدك بأشياء غريبة كأنني لن أقوم بتعليمك كما اتفقنا و أنني سأتزوج بعده ، (في لحظات صفاء كنت أقول له بأنني سأسافر معك لأماكن كثيرة و بعد أن تتزوج سأعيش في بيت على شاطىء بشعر رمادي قصير و ابدأ مشوار الكتابة فيمازحني قائلا :لماذا البيت على الشاطىء يأتي بعد أن أموت؟) .
..
و تلك الفترة تحديدا بكل مآسيها كنوع من الحفاظ على توازن العالم ضحكك أنت بدأ يزيد و دخلت في مرحلة : (الأمير الضاحك) ، كنت كأمير مدلل متربع على عرشه ، يقرر بكبرياء سيضحك على المهرجين الذين يحاولون اضحاكه أم سيحتفظ بالضحكة لنفسه .
..
فجأة أنا يا بني بعد كل هذا البكاء أصابتني حالة من عدم القدرة على البكاء ، أو كنت أضع حاجز كلما شعرت بأنني أود البكاء ، أتماسك ، لا أعرض نفسي لما يبكيني ، عام كامل تتوالى فيه الأخبار السيئة ، الاعتقالات ، الشهداء ، و أنا عام كامل فقدت فيه القدرة على البكاء و أحيانا الدعاء !
..
  بعدها دخلت أنت في مرحلة (الساهر في سياتل) ، ليالي متتالية تبكي و تريدني أن أحملك ، ان جلست تبكي ، ان توقفت عن المشي تبكي ، أمشي بك مع محاولة صنع هدهدات على تفعيلة اسمك ، لا أذكر شيئا منها لأني كنت أنام متعبة و أستيقظ و هناك أعمال أخرى يجب أن تفعل ، فلا يتسنى لي الوقت لتدوين أيا منها .
..
بعد أول فحص عند الطبيب ، زال شكي من أن أكون نزعت لك يد أو اتلفت أي شيء فيك ، و مع الشهر الثالث بدأت أطمئن أكثر و بمتابعة موقع بيبي سنتر و مراقبة ما الذي من المتوقع أن تفعله (تكون أحيانا قد فعلته و أحيانا تفعله بعد أسبوع أو أسبوعين )، الأمور صارت أهون و أنا صرت أكثر ثقة .
..
بدأت عيونك الجميلة تلاحظ العالم من حولك ، والدك كان لديه قمصيا فاتح اللون مكتوبا عليه بالأحمر ،كنا نرى عيونك تحدق في الكلام كلما حملك والدك، أنا بدوري بدأت أعلق لك الكثير من الأغراض فوق مقعدك و اكتشفت أن الاكسسورات النسائية تصلح كلهايات للأطفال !
..
أحيانا كنت تتعلم حركة جديدة ، فتستمر على فعلها أياما ، إلى أن تنساها و تبدأ في حركة أخرى ، (من أوئل الحركات التي اتقنتها مد بوزك للأمام) .
..
أنا لم أكن من النوع الذي يلاعب الأطفال الصغار ، كانو بالنسبة لي لا يفعلون شيئا ، أما معك فقد نشأت صداقة حقيقية وطيدة ، لغة مشتركة بيننا ، لم أكن أمل منك ، كنت بالنسبة لي تفعل الكثير الكثير من الأشياء ، و أحيانا يكون لدي استعداد للحديث عما تفعله أمام الآخرين ،فاتفاجىء بأن من أمامي يرونك لا تفعل شيئا ، أخبرهم بأنك تضحك ان قمت بفعل ما ، أجرب أمامهم و أقوم به ، فلا تضحك ، لماذا تظهرني كمتوهمة ؟ أيضا و أنا حامل بك كنت تتحرك و بمجرد مناداتي على والدك تتوقف عن الحركة!
..
بعدها كنت أضعك لتنام و أنام ، أستيقظ فأجدك تراجعت قليلا أو غيرت زاويتك ، بدأت تشككني في نفسي إلى أن أدركت بأنك بدأت تتحرك فعلا .
..
لا أعرف كيف حدث هذا ، و لكن عندما كنت تستيقظ من نومك كنت تقوم بمناداتي عن طريق إصدار أصوات كـ (آ آ) أنا لا أدري كيف تعلمت ذلك لكنه كان شيئا ظريفا ، وعدتك في مرة بأنك ستجدني دوما أمامك فور استيقاظك ، خالتك قالت لي : لا تثقلي على نفسك بوعد كهذا ، لكن سعادتك برؤيتي جعلتني أقبل على هذا الوعد ، و كنت أحتال عليك أسمع الأصوات التي تصدرها فاتنبه بأنك بدأت تستيقظ اذهب إليك راكضة لكي تظن بأني طوال نومك كنت بجانبك ،فتضحك لي ضحكتك الجميلة .
..
أتى الشتاء و مع بدايته كانت امتحاناتي الجامعية و معها دخلنا في مرحلة (لعبة : ادخل الطعام في فم الطفل) "ستكون فكرة جيدة لشريط بلايستيشن "، والدك أخبرني هو لا يعرف الطعام أطعميه كما تطعم البطة فكنت أضغط على خديك و أدخل الطعام ، و عندما لا يعجبك حتى لو نجحت في ادخاله كنت تخرجه مرة أخرى ، و أنت كانت لديك طريقة مضغ مميزة جدا عندما سألتني خالتك عنها ،قلت لها :لأني علمتك المضغ .فسألتني : نعم كيف ؟  أخبرتها القصة ، أنا أطبخ الخضروات جيد جدا و تكون مقطعة مكعبات صغيرة ، أضعها في فمك و أنظر إليك مباشرة و أنا أقوم بعمل حركة المضغ و أقول لك : (قاسم مم مم) ، كان من الممكن أن يقف شيء في حلقك ، ما أفعله كان خطر لكن الله سلم ، أنت بخير و لديك طريقتك المميزة في المضغ و أنا لدي قصة طريفة، أرجوك لا تحكم علي بشكل سيء ، أنا لم أكن اشتريت مضرب لضرب طعامك و لم أرد وضعه في كبة البصل و الخلاط الكبير لن ينفع مع الكميات الصغيرة ،الأسهل كان هرسه بشوكة لكن الامتحانات هي السبب جعلتني أفقد تركيزي !
..
آخر امتحان لي لم أحضره ، جدتك (والدة بابا) تم اعتقالها هي و عمة بابا أيضا ،و في نفس الليلة توالت أخبار اعتقال سيدات من محافظات أخرى ، باتت ليلة في القسم و كانت تقول : كيف يكون قاسم في الفيوم و لست معه ؟ و رأت الجنائيات و تاجرات المخدرات و راقصة اتهمت بالرقص بدون ترخيص  ، خرجت قبل فجر اليوم الثالث بكفالة و حملتك بين ذراعيها.
..
و جدتك بالداخل عقلي لم يستطع تصور احتمالات سيئة و أيضا عماتك ( عمتك بقامت بكتابة لوحة ترحيب و علقتها)  ، كنت أفكر بأنها ستخرج ، مع شدة المحنة لا نستطيع التفكير سوى بأن هناك شيء جيد سيحدث ،لا نفكر في الأسوأ كان من الممكن أن تجري الأمور بشكل اسوأ (والدك هو من قال لنا لن يخرجوهم بعد عودته من القسم و هو في حالة عصبية )و بعدها بنص ساعة علمنا بأنهم سيخرجون.
..
اشتد الشتاء في مصر أنا بدأت أصاب بالهلع ، والدك يحب الشتاء و رائحة الشتاء و و الوقت  المفضل لديه هو الغروب ، و أنا أحب الصباح و شروق الشمس ،  الشتاء يخيفني و أنا لست معتادة على شتاء مصر ، جو شديد البرودة ،لا أرى الشمس لعدة أيام ، نلبس الكثير من الثياب ، نجلس في غرفة واحدة و نغلق بابها ، أشعل المدفأة و أضع أمامها الثياب بعد غسلها لتنشف ، و ترتابني مخاوف عن مرضك في الشتاء ، كان الوقت مناسبا لاتخاذ قرار أخذ إجازة عند أمي .
..
في ليلة وصولنا بكيت بكاءا مريرا و أنا ارتعبت ، استيقظت من نومك فأتت إليك خالتك مسرعة فبكيت بكاء غريب ، هي ظنت أنها أفزعتك فحزنت ، و أنا ظننت أنك تبحث عن والدك فخفت من كوني أخذتك منه، و بعد ثلاث أو أربعة جولات بكاء أخرى، صرخت بقوة و إذا بي أرى في فمك شيء أبيض قصير و جميل ، يا أستاذ أول سن لك أرادت أن تطلع في دبي !
..
قبل السفر كنت قد بدأت تزحف ، وصلت مرحلة (الكومندو) كما تسمى طريقة حركتك في كتب الأطفال ، بعد أن رأتك أمي و كانت زحفتك سريعة تنبأت بأنك مع هذه السرعة لن تحتاج للحبو  .
..
هنا لديك الكثير من الأطفال لتلعب معهم ، أو الفتيات بالأصح ، بنات خالك محمد و هاجر ابنة خالتك(هاجر : أكبر منك بنصف عام ) ، مريم و سلمى طيبات معك ، عائشة تغار منك و تأخذ ألعابك لتخبأها و تقرصك بين الحين و الآخر حتى أنه في احدى المرات يبدو أنها قرصتك ، وفجأة وجدناك تنظر باتجاهها و تصرخ فيها ، هاجر كانت تشاركك الخبز و الورق و إن أردت شيئا في يدها ناولتك إياه ، و أنت كنت تشد الأشياء منها إن لفتت نظرك ،لكن طفح الكيل معك فقامت يوما بالتلويح لك بشيء ما و أخذته و ركضت و أنت تزحف من ورائها ،سارة و التي تكبرك بأسبوعين لم يحدث بينكما الكثير من التفاعل ، هي فقط كانت ترفع يدها ان اقترب منها أحد ، عائشة علمتها الخوف !
..
عدنا مرة أخرى لمنزلنا و والدك ،بعد أن علقت قلب خالتك عائشة بك ، وجدتك أحبتك كثيرا فأنت الذي كنت تلاعبها تضع وجهك على وجهها و تضحك ، و عدت بصورة لك مع جدك أحملها بسعادة .
..
السعادة عند الإنسان أجزاء مترابطة ، و تحقق جزء يشوق لجزء آخر ، أنت كنت تشوقني لرؤية أهلي معك ، كل ضحكة كنت أتخيل مشاركتها معهم ، الإنسان طماع ، عليه فقط أن يعترف بذلك !
..
الشتاء بدأ ينقشع ، و أسنانك تظهر بالتوالي و ما يرافقها من ضيق و سخونة و ألم ، مازلت تزحف زحفتك السريعة ، مع الوقت كنت تتخذ وضعية الحبو و تسقط قبل أن تخطو للأمام .
الآن لم تعد مجرد مراقب ، فأنت تصل لما تريده و تمسكه ، و تعبث بكل شيء و أنت لم تمشي بعد !
..
هذه المرحلة كانت الأصعب بالنسبة لي ، لم تعد طفل صغير ، أصبحت مشاكس كبير ، ينتهي اليوم و أجد نفسي مجهدة جدا اتساءل عن السبب و لا أجد جواب ، حتى رسائل بيبي سنتر لم أعد أتابعها كثيرا برغم أنها صارت شهرية ، أدخل في مرة و اقرأ (أنت بحاجة إلى مرونة) فتبرق كلمة مرونة في السماء بخط كبير ، نعم مرونة هذا ما أحتاجه في تعاملي معك ، و لكن هذا يحتاج إلى هدوء و تنظيم حتى تتحقق المرونة لدي.
..
يحل الصيف ، و المرض الذي خفت منه في الشتاء جاء في الصيف ، لم أدري بالتحديد السبب ، لكنك تعبت بشدة و لمدة طويلة و زهدت في الطعام ، كانت أيام متعبة بدأت بالتعافي بعد شهر تقريبا ، لكنك صرت حزينا عما قبل بعد المرض ، حاولت تنظيم نومك ، مهما قيل من طرق لجعل الطفل ينام ليلا و يسيقظ صباحا لن تفيد ( شرب الينسون ليلا، حمام ما قبل النوم ، ايقاد الإضاءة و هو نائم في الصباح) ، كل هذا يفعل و أنت تنشط بعدها و تتابع السهرة ، لا شيء سوى أن أقوم صباحا بأخذك لأية نزهة و وجود أطفال غيرك يكون ممتاز لتنشيطك( فأنت تحبهم و ترفس برجلك في الهواء عند رؤيتهم) ، و  أحرص على جعلك مستيقظ ان استطتعت للمغرب و يحل الظلام فتنام ، و صباح اليوم التالي أيضا أوقظك و نقوم برحلة أخرى ، لم يفلح معك سوى هذه الطريقة ، المضحك هو أنني استطعت ضبط مواعيد نومك و أنا يا قلبي نومي هو الذي لم يضبط ، منذ مجيئك و نوم ساعتين صار جيد و أربعة ساعات ممتاز ، كنت أنام و أستيقظ في منتصف الليل إلى صباح اليوم التالي .
هذه الأيام كانت جيدة بالرغم من نومي ، و أنت عدت سعيد عما سبق ، شهيتك لم تعد كالسابق و أنا لم تعد لدي قدرة على التفكير ، عندما لا يأكل الطفل الأم تفقد قدرتها على الابتكار ، لكن أنا أحب كعكة الجبن ، فكرت في أنك أيضا قد تحبها ، قمت بخفق بسكوت و عنب و زبادي مع بعض السكر ، أحببتها بفضل الله و أنا أخذت براءة اختراع كعكة الجبن للرضع .
..
حبوك تحسن و صرت تضرب يدك على الأرض بقوة و أنت تحبو لتصدر صوت عالي ، مكانك المفضل كان المطبخ إن وقفت فيه يجب أن ترافقني ، أنادي : مصطفى ، و أنت ارتبط عندك اسم مصطفى بأنه سيأتي و يبعدك عني فبمجرد أن أقول مصطفى أجد الفزع في عينك و كأنك في مأزق و تأتي إلى رجلي بسرعة و تتمسك بها ، اكتشفت أدراج المطبخ واحدا واحد كلما مرت أيام استطعت أن تنتقل لمستوى أعلى ، بدأت بدرج الأكياس كل يوم يجب أن تفتحته و تخرج كل ما فيه ، بعدها انتقلت لدرج العدة و هناك تجد كنوز ،الكثير من الأشياء المثيرة، أراقبك و فقط ان حملت شيء خطر آخذه منك ، وصلت لدرج البهارات تفتحه و أنت لا ترى ما فيه فتمد يدك و تأخذ أي شيء تلمسه يدك ، درج الملاعق مازال طويلا عليك .
..
الآن صرت كثير الكلام لا أفهم شيئا مما تقوله و لكنك عندك الكثير لتعبر عنه خصوصا عندما تغضب ، أول كلمة قلتها بعد ماما و بابا هي بيْ ، وجدتك يوما تشير لعمتك بها و تقولها ، و عندما يبدأ والدك بالجهز للخروج تفهم و تظل تتنقل وراءه من غرفة لغرفة ، تحاول أيضا الاستناد على الأثاث و تمشي هذه الأيام ، حتى أنك عندما تقابل أطفال صرت تستند عليهم هم و تمشي ، عمر ابن عمتك الذي يكبرك بنصف عام كان يتضايق كثيرا في مرة تشبثت به و هو ظل يمشي و هو يبكي محاولا التخلص منك و أنت متشبث به بقوة ، و مريم أخته صاحبة الثلاث سنوات برغم حبها الشديد لك إلا أنك كنت تزعجها تشد شعرها تتلمس وجهها و عينها احتمت في حضن أمها منك و عندما اقتربت مرة أخرى نظرت لوالدتها و قالت : تاني يا ماما !
..
والدك نجح و في نفس اليوم مشيت ثلاث خطوات احتفالا به ، كانت أجمل لحظة في حياتي أنت تمشي و ترفع كتفك خوفا من الوقوع تضحك و تسقط ، كنت جميلا بطريقة مجنونة ، لا تمشي في خط مستقيم بل نصف دائرة و تسقط و أحيانا تشبه السيارة التي تحركت و لا تعرف كيف تتوقف ، مهارتك في المشي تتطورت في كل يوم و عدد الخطوات التي تسقط بعدها تزيد .
..
الكرة كانت شيئا مفضل بالنسبة إليك ، و هذا دعاني للتأمل فيها هي حقا شيئا رائع و يحير و يتحرك بحرية و لا يقاس فيه أي خط متقسيم  و يفعل به الكثير من الأشياء ، أنا أحببت الكرة لأنك تحبها ، كنت أجلس و أرمي الكرة بعيدا أنت تذهب و تحضرها و أرميها و هلم جرا ، والدك يقوم بعمل عروض أمامك بتنطيط الكرة برجله أو ضربها في الحائط و التقاطها و أنت تنظر له على أنه عظيم جدا !
..
يا قاسم هذه رسالتي لك في عامك الأول التي بدأتها قبل يوم ميلادك بيوم(يوم 18) و أنهيتها (يوم 31) ، وذلك لأنك لم تعطني فسحة من الوقت ، ان أعجبتك تعاون معي و سأكتب الكثير و أفضل منها أيضا ، نحن في أيام عيد الفطر ، و منذ بدأ العيد و إسرائيل تضرب غزة �� لكن احزر يا صديقي ما الجديد ؟ كتائب القسام ترد على الضرب و تقتل من مسافة صفر و اعتقلت جندي و إسرائيل تضرب بجنون ، صديقي الصغير غزة انتصرت ، لم تنتصر بدون العرب ، بل انتصرت و مصر تحاصرها باغلاقها معبر رفح ، الخليج يعلن عن دعمه لإسرائيل ، و سوريا في ثورة ، غزة انتصرت يا قاسم و كل عام و أنت بخير .
الخميس |31 \7 \2014 \ | 4\ شوال \ 1435
10 notes · View notes
umqassem · 10 years
Photo
Tumblr media
6K notes · View notes
umqassem · 10 years
Link
0 notes
umqassem · 10 years
Link
غدا تندثر العربية، يستقيظ الناس، بذاكرة خالية من تلك اللغة، بالنسبة لأؤلئك الذين يملكون لغات كثيرة، سيكون الأمر مرهقا، سيتذكرون كل شئ، لكن مترجما، ومزاحا قليلا أو كثيرا عن موضعه، المدلولات مراوغة، ولكن يسهل افتراض وجودها، أو توهم القدرة على الاقتراب منها، لكن سيكون ذلك عيدا، لأصحاب اللغة الوحيدة،...
78 notes · View notes
umqassem · 10 years
Quote
«أن يكون المرء فناناً مبدعاً، معناه ان ينمو مثل شجرة لا تدفع نفسها دفعاً، بل تقاوم مسلمة روحها الى رياح الربيع القوية، من دون خشية من ألا يأتي الصيف ابداً. فالصيف يأتي، لكنه لا يأتي حقاً إلا من اجل اولئك الذين يعرفون كيف ينتظرون»
(ريلكه) http://alhayat.com/Details/455296
2 notes · View notes
umqassem · 10 years
Photo
Tumblr media
من ذاك الذي يجعلني أشرب الشاي باردا؟ 
أنت يا قاسم ، أنت 
^_^
2 notes · View notes
umqassem · 10 years
Link
0 notes
umqassem · 10 years
Conversation
ضحكات الأطفال تتصارع مع الشر الذي يسكن العالم!
2 notes · View notes
umqassem · 10 years
Photo
Tumblr media
1 note · View note
umqassem · 10 years
Quote
حياة و آراء ترسترام شاندي رواية صدرت في تسعة أجزاء تباعا من عام (1759-1767) ، و هي رواية ساخرة تتبع كما يشير عنوانها حياة و آراء ترسترام شاندي الذي تبدأ الرواية بلحظة تكون نطفته ، و لا يولد إلا في الجزء الرابع من الرواية . رواية ساخرة تكسر تقاليد الكتابة الروائية و التتابع الزمني بالتداعي الحر، و هي الرواية الأولى التي تجعل من الكتابة موضوعا لكتابة الرواية .
الحداثة الممكنة / رضوى عاشور
0 notes
umqassem · 11 years
Conversation
في من أثق
أثق في قاسم
مني و إلي
ذاك الشيء السماوي
القادم من عند لله
4 notes · View notes
umqassem · 11 years
Quote
إن من لم ير أُماً أشفى طفلها على الموت في حادثة أخذته بغتة ثم نهض سليماً معافى، أو ضلَّ عنها مدة حتى يئست منه ثم اهتدت إليه – لا يكون قد رأى شيئاً من سعادة الإنسانية العالية النادرة التي لا تكون إلا في الأمهات خاصة، ولا يشهدها الناس إلا في ساعةٍ حَرجَةٍ تلمس فيها يدُ الله قلب الأم!
الرافعي -السحاب الأحمر
12 notes · View notes
umqassem · 11 years
Text
رسالة قبل اللقاء
9/6/2013 ابني العزيز ،أنتظر قدومك بكل شغف ، أتخيل تلك اللحظة التي أحملك فيها بين ذراعي، سأكون أسعد مخلوقة في الوجود حينها . قبل تلك اللحظة يكون الألم ، أنا لست خائفة ، سأتوكل على لله ، هو الذي حماك و رعاك بداخلي هذه الشهور السبع و هو القادر على إيصالك بالسلامة إلي . أنا اخترت لك اسم قاسم ،اخترت هذا الاسم قبل زواجي من والدك بعدة أشهر لسبب بسيط ، هو أن والدك اسمه مصطفى و هو أحد أسماء الرسول محمد صلى لله عليه و سلم (المصطفى) و هو يكنى بأبي القاسم لأن ابنه البكر من السيدة خديجة رضي لله عنه اسمه قاسم ، مصطفى و خديجة و قاسم كعائلة النبي رضي لله عنه ، أتمنى أن يكون بيتنا يا صغيري فيه من رائحة بيت الرسول و نهجه. مع الوقت بدأت أحب الاسم أكثر ، قاسم ، القاف بها شدة هي الشدة اتي يجب أن تتوافر في الرجل ، و لكن ما أن تتوغل فيه أكثر فهو إنسان رقيق الطبع ألف فسين مكسورة ثم ميم ساكنة . كم أتوق لرؤية عينيك حبيبي ،فالعين مدخل الروح ، أود أن أقبل يديك الصغيرتين و قدميك بأصابعهم الدقيقة . نود أن نفعل الكثير من الأشياء مع بعضنا ، و نكتشف أماكن جديدة و نقوم بمغامرات نحن الثلاثة و نتعلم و نعلم بعضنا . بيتنا الصغير سيضيء بوجودك ، حياتنا ستصبح أجمل بكثير ، صوتك بكاؤك و ضحكاتك ستؤنس العالم بأسره يا عالمي الصغير . اسأل لله أن نحسن رعايتك و تربيتك و نكون على قدر المسؤولية . أمك المحبة : خديجة
9 notes · View notes