شجن كوروني

"كيف كنتم تقضون وقتكم أثناء حظر كورونا؟"

سألت زميلة هذا السؤال وغصتُ في الإجابة، تذكرت ومضات من أيام تعتبر قريبة لكني الآن أراها بعيدة، من المفترض ألا تكون أيام سعيدة، كيف أتذكرها الآن كأيام سعيدة؟

كتبت في تدوينة مذكرات أزمة: "من الأفكار المريحة في هذه الفترة، هي البراح في ساعات اليوم، قد يميل بعضنا لرؤية البراح فراغ، ولكنه براح، ومساحة كبيرة واسعة لاكتشاف نفسك، فترة لتجرب الجلوس مع عائلتك وتتعرف عليهم بتركيز أكبر، لتجربة كل أطباق العالم، للتفكير في الأمور الأساسية التي تحب أن تكون في يومك، فتتخلى عن الزوائد التي كانت تحشو حياتك فتشعر بعدها بالتخمة عوضًا عن الشعور الطيب الذي يجيء بعد وجبة هنية لذيذة، كنا نستطيع فعل هذه الأمور في السابق، ولكن في هذه الفترة انقطعت كل الأمور التي تسرق وقتنا، مثل خروجنا من المنزل، ووقوفنا في طوابير، وزحمة الطرق، وغفوة التعب والإرهاق بعد يوم طويل، ستمر أيام تكون غاية في السوء، سيحل الظلام على أركانك، وستشعر بقلة الحيلة، ولكن لا بأس، هي أيام معدودات."

وفي تدوينة أزمة دراسية كتبت: "تنشأ أزمة صغيرة في مكان صغير، فتنمو لتشمل أماكن أكبر، وتختلف طبيعة الأزمة لتمس أحداث كونية أخرى قررت فجأة التضامن مع أزمتنا الصغيرة ليشكلوا .. أزمات. عاصفة من الأزمات، تبتلعنا وتتقاذفنا، كالقارب الخشبي الصغير الذي حمل روميو وبقية منظفي المداخن الصغار  في أول حلقة من عهد الأصدقاء."

في كورونا كنت أدرس أخر ترم في الجامعة، أصبحت الدراسة عن بعد، جلسنا في المنزل، وأكلنا كعك البرتقال كثيرًا بينما أغلب الشعب كان يأكل كعك الليمون. شاهدت كوير آي وتعرفت على تان فرانس وانتوني بوروسكي، وأنهيت رواية رقص رقص رقص، وسلسلة هاري بوتر (قرأت الثلاثة الأخيرة وعشت تجربة فريدة جدًا). أعدت ترتيب مواقع أثاث الغرفة، وقصصت شعري، مارست الرياضة، وصرت لا أستغني عن قناع الزبادي مع الشاي (نصيحة تان فرانس)، شاهدت أفلام ومسلسلات عدة، أعدت مسلسل ديري جيرلز لوحده 3 مرات. أصبحنا عائلة تقابل بعضها أكثر من أي وقت مضى. احتفظ بفيديو الخرجة الأولى لمنزل جدتي، فيديو صورته بتأثيرات كلاسيكية قديمة، يثير الشجن والحنين، كلما شاهدته يراودني شعور قوي وغير عادي. اختبرت وتخرجت واستلمت شهادتي بالكمامة. احتفلنا بالعيد، وبالتخرج، وبعيد ميلادي، وبسنوية ون دايركشن، وكل العالم البعيدة صارت قريبة، وكل العالم القريبة صارت أقرب وأقرب.

رمشت وأنا أنظر لهم، إحداهن كانت تحكي عن حياتها وقت كورونا، وبرغم شدة رغبتي بمشاركة الأيام السعيدة؛ أيام أتمنى أن أعيشها الآن، إلا أنني اكتفيت بسيل الذكريات بيني وبين نفسي.

وأنت .. كيف كانت فترة الحظر؟

ويكند سعيد. x