غداً صباحاً في الساعة التاسعة آخرُ الكلمات تأتي منكِ، غداً توقفت حياتي الهنيئة بتَوقُف نبضات قلبكِ، غداً هي ذكرى نهايتي يا نهايتي .. لطالما ناديتك (نهايتي) و كان استغرابكِ يجعلني اشرحُ لكِ ماذا أعني بذلك، هو أن ينتهي إليك كل شيء جميل، هو نهاية بؤسي و شقاءُ روحي، كانت تلك التسمية بإيجابية و لم أكن أخالها تصبحُ بكامل سلبيتها.
ما زالَ حبي لكِ كالجمرِ يتوقد، لا دُخان و لا ألسِنة نار تتوهج.
في الليل وحين تروم الناس في وسط أحلامها ، وقبل أن يفكر الضوء أن يضيء في بيتك أعبر أنا أليك بكل المسافات الخُرافية، لا يراودني الشك بأن غيابي لازال يداهم هذيانك ، وأن يدك مازالت ترتب مواسم المزاج لشعري الباهر ، وأن ظلي مازال يراود ظلك في تأملات ساهدات
لنخرج من ثوب الظلام لا نتقاسم أحلام آدم حين ينام ،
بل كلاً منا يأخذ ظله الى عالم يذيب الفواصل لا نعرف أي الجهات شمالاً ، ولا نعرف سؤال فيه تختصم الفصول
نحن هنا متماهين بلون السماء المعتم متعانقين في عرش التخاطر
وقبل أن تلوح لنا إيماءآت الفجر أرجع أنا بظلي الى أبهة الموت ، وتعود أنت الى رحاب الحياة.
لم يعد الليلُ وحده ثقيلاً و بطيءٌ بساعاتهِ، كل الوقت ما خلا منكِ مُنهكُ. لستُ اهذي بل اراكِ بيقينِ قلبي الذي لا تُشفيهِ الأيامِ و لا يسلو إلا بملامح طيفك و ظِلٌ من الحزنِ يعانق ظلكٍ ليُشفى من وجعه الأبدي.
في الليل، عندما يهدأ كلُ شيءٍ و خاصة ليالي الشتاء، إنها طويلة جداً مع الحنين الخانق. في غرفةٍ مظلمة سوى من نورٍ خافتٍ فقط ليقول لي أنكَ لستَ في قبرك، يجول نظري عند كل زاوية و حافة دون تركيزٌ، مُبحِرٌ في ذكريات و تفاصيل لها عبيرٌ زاكي و شذى عطرٍ تستنفرُ له كل حواسيَّ، حتى اكاد أن أشمَ راحةَ السيجارةَ التي تُمسِكُها بطريقتها الغريبة بعضَ الشيء، صوتها؛ عذبٌ كشُربةِ ماءٍ بعد ضمأ أيامَ تيهٍ في مفازة و عينينِ كانتا تطفئانِ كل الضجيج الذي حولي، ثملٌ .. غارقٌ .. مُنتَشيّ بينَ امواجِ شَعرِها و ابتسامتها اللطيفة، البريئة، الماكرة، الشهية لأقومَ من مكاني و احتضنها ليهدأ خافقي و يُصدِق أنها حقاً بقربي ....
يندبكِ فؤادي يا حبيبتي دائماً، كلما لاحَ طيفُ ذكراكِ الزاهي؛ ما زالتْ كلماتكِ الغضة تُطربُ سمعي و رسمُ ملامحكِ يعانق بصري و بصيرتي، و يصير ما في الحشا مضطرماً بنارٍ لا تنطفئُ إلا بعناقِ تربةً زاكيةً تضمُك.
الجمالُ نراه في كلِ شيء، في الذين من حولنا و هم لا يدرون و في الاماكنِ، الصور، النفوس، الليلِ و ساعة الفجرِ، المطر و غيومه الداكنةِ الرمادية و النسمات التي تعقِبهُ من الشمال، في أغنية أو قطعة موسيقى قد شاركتها يوماً أحدهم و غيبهُ الدهر ...