Tumgik
esraa-farouk · 9 months
Text
ما رأيتُ إلا جميلًا
أراقب نباتاتي في نموها، في تأقلمها، في أوراقها الجديدة وجذورها حين أنقلها. بعضها يقف للشمس من الشروق للغروب. بعضها يفضّل ضوءً ساطعًا تحت ظل شجرة، وبعضها بتلصص على العالم دون أن يخرج له بالكامل. بعض النباتات لا تزدهر سوى بقص أطرافها. بعضها لا ينمو إلا بنقله لبيت أكبر، وبعضها يموت إن نُقل مساحة واسعة قبل الأوان. بعض النباتات تضرب جذورها في الأرض بعنفٍ مانعة باق النباتات من النمو، وبعضها لا يزدهر سوى بصحبة جذور نباتات صديقة. يمكنك خدش بعض البذور لتنبت وعليك تعطيش الثمار لتنضج، تضطر في بعض الأوقات لقص جميع جذوع وأوراق وأغصان نبتة لتنقذها من الموت، ومن حين لآخر تقصقص الأوراق وبعض الجذوع لتعطي الثمار فرصة الظهور.
أراقب نباتاتي وهي تنجو رغم كل شيء. كل عُقلة يمكنها إنبات جذور فتصير نبتة جديدة، كل فرع قادر على أن يصير بداية لزهرة بديعة. فيها من نبت من بذرة، منها ما قطفته من زرعة في الطريق، منها من رويته أكثر مما يجب فمات من جذوره، منها ما اشتريه وذبل ثم عاود الظهور، منها من اضطررت للاعتناء به بعد يأس أصحابه، ومنها ما زرعته في حدائق أحباء سابقين فنمى وكبر وصار شاهدًا على ذكرياتي وحبي. للنبات حياتين، إحداهما للشمس، والأخرى تحت التراب. إحداهما للهواء والضوء والآخرى للغرس والتشبث. وأنا، مثل النباتات، أتأقلم وتذبل أوراقي أحيانًا، أتباهى بأزهاري ولا أخجل من أشواكها، وفي كل الأحوال أضرب بجذوري وأرى العالم كله أرض محتملة لي. المشقة في الطريق، أما قلبي ففي كل مكان، يسع خيبة العالم وأمله.
Tumblr media
113 notes · View notes
esraa-farouk · 9 months
Note
ازيك ي إسراء، يارب تكوني بخير
حابة آخد رأيك في حاجة، أنا من فترة طويلة في رحلة تعب نفسي وضغوطات من كل اتجاه، من وقت الكلية مرورًا بوفاة بابا لحد دلوقتي، كنت مستتقلة على نفسي أروح لدكتور لاعتقادي اني عايشة في الوهم وانه بس ببقى مبسوطة وأنا غرقانة في أي حزن، المهم، روحت علشان أحسم الجدل الداير ده بس محستش اني مبسوطة خالص بأي صورة، كتبلي نوعين علاج في أول جلسة وبآخدهم بانتظام في انتظار ميعاد جلستي الجاية. هل طبيعي أحس ده في الأول علشان شيء غريب عليا ولا الاحساس مش طبيعي؟
أنا بخير وآسفة إني شفت رسالتك متأخر. الأول برافو عليكي إنك خدتي الخطوة. اعتراف الانسان ان عنده مشكلة محتاج يقعد مع حد غريب يحلها ده مش اعتراف سهل، وإنك بعدها تاخدي الخطوة كمان ده جهد مش قليل. الحاجة التانية، واللي بعتبرها أهم شيء في العلاج النفسي، هي الاستمرارية والنَفس الطويل. ده على مستوى اختيار الأدوية والطبيب والمدرسة العلاجية وجهدك نفسه. أنا مش عارفة أنت بقالك قد ايه مش مبسوطة، أو تقصدي إيه بكونك مش مبسوطة. هل مفيش تحسن؟ ولا التحسن مش بالسرعة أو الشكل اللي متخيلاه؟ الأدوية بتاخد وقت عشان تشوفي أثرها، والدكتور هتاخدي وقت على ما تقدري تبني معاه ثقة كافية لتواصل صادق. ولكن، مهم جدًا إنك توصلي للدكتور أنتِ مش مبسوطة من إيه ومحتاجة منه إيه. ممكن يكون الدوا مش مناسب، وممكن الدكتور نفسه مش مناسب ومحتاجه تشوفي حد تاني. باختصار، ادي التجربة وقت، لكن لو مش حاسة بتحسّن جربي اختيارات أنسب لإن المشكلة مش فيكي. ومتيأسيش من نفسك مهما حصل.
7 notes · View notes
esraa-farouk · 11 months
Note
ربنا يقومهالك بالسلامة يا اسراء ..
Remember that you're surrounded with friends if you ever needed help .. That is the truth Esraa, no matter what fancy rules we claim or abide ourselves with. You are loved and cherished.
And I hope you're managing Esraa, you're strong and stubborn, you'll offer the necessary support for your loved ones. Stay strong.
Thank you for the gentle reminder. Much appreciated ❤️
7 notes · View notes
esraa-farouk · 11 months
Note
بخير يا اسراء؟
لا. بس أتمنى تدعي لماما تكون بخير وألمها يخف.
14 notes · View notes
esraa-farouk · 1 year
Text
كلما خشيت قول شيئًا، ذكّرت نفسي أن ما يمكن كسره بالحقيقة يجب كسره بالحقيقة. وكلما ترددت قدماي عن حملي، طمأنتها أن كل خطوة خاطئة في علاقة صحيحة قابلة للمراجعة والتراجع.
لطالما كانت حرية ارتكاب الأخطاء هي أهم تعريفاتي للأمان. أن أرتكب أخطائي الخاصة، دون أن يعيد ذلك تلقائيًا، تعريف ما أنا عليه.
أن أسير في الحياة كطفل يجرب للمرة الأولى. لا يسعى لكسر الأطباق، لكن لا يخشى أن يُطرد من المطبخ إن كسر طبقًا أو أحرق طبخة.
أن أعيش غضبي، وخوفي وحزني وحبي ولهوي وحماقتي، دون أن يحرق ذلك مقاعد العودة. ودون أن يصير التنازل عن نفسي هو ثمن ملاقاة الآخرين.
ولطالما، كحيلة دفاعية، كسرت الأطباق متعمدة، لأخسر ما يمكنني خسارته وأترك خوفي جواره. كل انتماء مشروط يثير في الفزع. وكل محبة مؤطرة قيد، حتى وإن أتت بترحاب الأصدقاء.
379 notes · View notes
esraa-farouk · 2 years
Note
البقاء لله يا اسراء .. انا عارف ان عندك ألفة بالفقد وقدرة على التأقلم، بس عارف بردك انك بترتبطي عاطفيا بالاقرباء والاصدقاء جامد .. ربنا يصبرك، ويملى قلبك قوة وحب دايما
حياتك الباقية
شكرًا على رسالتك الجميلة. مش دايمًا الناس بتعرف تعزي :)
11 notes · View notes
esraa-farouk · 2 years
Note
ألف سلامة يا ست الكل
<3 
1 note · View note
esraa-farouk · 2 years
Note
بحب حد ومغرمة بيه، مش حماس عابر، بعتله رسالة صارحته بحبي وحاولت أشرح نفسي على قد ما أقدر، بس هو اعتذر عن قبول الأمر، لسه نفس شعوري متغيرش ومحتاجاه يوافق بأي طريقة، محتاجة ابعتله تاني أسأله بشكل تفصيلي يمكن الأسباب اللي هو شايفها ممكن تتحل، صح أعمل كدا ولا استسلم لرده الأول؟
بحب رجاحة عقلك وبحترم رأيك
لو ممكن تردي عليا هنا هكون ممتنة خالص
برافو عليكِ مبدئيًا إنك صارحتيه، ده مش شيء سهل ومحتاج شجاعة كبيرة. رأيي إن مفيش إجابة هيقولها هتخليكي أحسن. إحنا نقدر نصرّح بمشاعرنا ونفتح الباب لكن منقدرش نقنع حد بيها. دي حقيقة قاسية جدًا، بس كمان معناها إنك لما تكوني مع حد هيكون حد عايزك فعلًا، وده شيء كلنا نستحقه.
رأيي كمان إنك تاخدي مسافة طويل منه عشان تقدري تشوفي الصورة من بعيد. فكرة إنك عايزاه يوافق بأي طريقة هي هروب من الألم ومن الفقد، بس مفيش مهرب. الألم هو تمن الحب اللي بندفعه مرغمين، واللي أقدر أقولهولك إن الألم ده مش هيدوم مهما كان تقيل ومهما فكرتي إنه مش هيعدي. هيعدي وهتخرجي منه أذكى وأحن وأكثر تماسكًا.
حاليًا أنتِ محتاجة متكسريش قلبك بإيدك، ومحتاجة تاخدي وقت تحزني فيه من غير ما تفكري إن فيكي مشكلة محتاجة تتحل.
53 notes · View notes
esraa-farouk · 2 years
Note
بابا مات من ١٣ يوم .. مش عارفة أصدق ده ولما بيجيلي لحظات أصدق فيها إنه مشي بنهار وببقى عايزة الحياة تنتهي في اللحظة دي، على الأقل حياتي..
مش عارفه ببعتلك ليه الصراحة بس انا مش قادرة اقبل فقد بابا.. كان قريب مني جدًا وكان أهم حد في حياتي مش عارفه ازاي فجأة بقى كان وازاي مفروض أكمل من غيره!
أنا حاولت كتير جدًا أفهم الموت، ومقدرتش. حاولت أنكره وفشلت، حاولت اتعامل إنه شيء عادي وبرضه معرفتش. الشيء الوحيد اللي عرفت اتعامل معاه هو إن الموت بيغير طبيعة علاقتنا باللي راحوا لكن مبيقطعهاش. معتقدش إن في شعور أصعب من إن الواحد ينام وهو عارف انه هيصحى على عالم مفيهوش الشخص اللي بيحبه. مفيش حاجة أقدر أقولها غير حاولي متعديش بده لوحدك. الحداد بيغير حياتنا للأبد لإن حبنا للي راحوا كان كبير وصادق، وصلتنا بيهم أقوى من إنها تتقطع فجأة والحياة تكمل عادي. الفقد مش شيء بيروح بالوقت، لكن بالتدريج هتقدري تحطي جنبه مشاعر تانية وهتقدري تحسي بالهدوء والاطمئنان تاني جنب حزنك. الألم أخف لما بنواجهه جماعة، وأتمنى يكون حواليكي أهل وأصدقاء يفكروكي ان حياتك منتهتش وإن بابا هيفضل معاكي وجنبك حتى لو مش بالشكل اللي كان عليه.
67 notes · View notes
esraa-farouk · 3 years
Text
"You're so full of anger", my partner says. " I'm a violent person", I reply. - I'm serious - I know, and I'm serious too. I'm a violent person from a violent family, born and raised by a violent man. Anger is part of my identity and the main coping mechanism I know. You say I'm too nice, but you haven't seen the beast I'm taming under my bed. I'm just trying to keep it shooting for the right target.
Anger is essential to process grief, disappointment, injustice, privilege, and so many things. And it's okay if that makes you scared, you should be, but I'm not ashamed of it. I'm full of anger because I'm full of hope. Because I care a lot. I own it, and I would like to carry my angry twenties forever.
152 notes · View notes
esraa-farouk · 3 years
Text
"You're so full of anger", my partner says. " I'm a violent person", I reply. - I'm serious - I know, and I'm serious too. I'm a violent person from a violent family, born and raised by a violent man. Anger is part of my identity and the main coping mechanism I know. You say I'm too nice, but you haven't seen the beast I'm taming under my bed. I'm just trying to keep it shooting for the right target.
Anger is essential to process grief, disappointment, injustice, privilege, and so many things. And it's okay if that makes you scared, you should be, but I'm not ashamed of it. I'm full of anger because I'm full of hope. Because I care a lot. I own it, and I would like to carry my angry twenties forever.
152 notes · View notes
esraa-farouk · 3 years
Note
التدوينة الأخيرة عظيمة جدا، انت وصفتي حاجتين فينا كرجالة بدقة اذهلتني الصراحة 😅انا سقفتلك من كتر ما الكلام كان دقيق، كنت هبعتلك علي تويتر أحييكي علي التدوينة بس اترددت فيارب تكوني بتشوفي هنا :))
بشوف هنا :) شكرًا على رسالتك، ردود الأفعال دايمًا مفيدة!
10 notes · View notes
esraa-farouk · 4 years
Text
نبوءات الحب والخوف والجمال
في صغري، كنت أتظاهر بالنوم كلّما دخل أبي الغرفة لیلًا. السهر أمام التلفزيون ممنوعٌ في لیالي المدارس، لأن ذلك سيجعل إيقاظنا صعبًا على أمي في الصباح. وبما أن أبي يحتاج نصف ساعة في الحمام قبل الذهاب لعمله، فلن نستطيع الدخول للحمام قبل السابعة والنصف إن تأ��رنا في الاستيقاظ، ولن نلحق أتوبیس المدرسة. لذلك من الأفضل التظاهر بالنوم.
في تلك اللیلة سمعت أبي یقول لأمي: "أنا خایف على إسراء. البنت جمیلة جدًا، وهیبقى حوالیها ناس كتیر، وممكن یتضحك علیها لما تكبر". قالت له أمي: "بس هي كمان ذكیة وشاطرة، وما یتخافش علیها". كنت في السابعة من عمري وقتها، وكانت هذه المرة الأولى التي أسمع فیها أنني جمیلة، وربما الاعتراف الوحید الصریح من أهلي عن نظرتهم لي. هي أیضًا اللحظة التي خفت فیها أن أعبر من فتاةٍ لإمرأة. عرفت الجمال بعين الخوف قبل أن أعرفه بعين المتعة، واحتفظت بهذا السرّ إلى أن صرت شابة، أسمع كلمات غزلٍ من هنا وهناك.
الحب في عائلتنا غیر محكيّ، یظهر في أوقات المرض والفقد، ویصلح دائمًا مبررًا للاختیارات الغبیة واحتمالات الألم والإيذاء. اعتدت أن یصفني أبي بـ"الشطارة" من باب التعنیف، كأن یقول لي إنه لا یُسمح لشخص بذكائي أن یقوم بالخطأ الفلاني، أو أن تقلّ علاماتي في المدرسة تحت أيّ ظرفٍ عن توقعاته، وطبعًا دون التخلي عن مهارت الطبخ والغسيل والتنظيف، لأن التفوق ليس مبررًا للتعالي على الأعمال المنزلیّة.
الحب أیضًا بابٌ مفتوحٌ للخوف. والدي أبٌ لأربع فتیات وُلدنَ لأمّ "لارج" ومُحبّة للحیاة، فكان صارمًا في تربیتنا بدافع الحمایة، یوجّه خوفه من الحیاة بدفعنا للتفوّق الدراسي، وعزلنا عن العالم وعن العائلة.
الجمال في عائلتنا أمرٌ مُحیّر، لأننا نسعى إلیه جمیعًا، لكنه في نفس الوقت یُشوّش على حياتنا وشخصيّاتنا وكينونتنا. یُفترض أن تكون الفتاة جمیلة، لكن "لوو بروفایل"، يعني جمیلة بالقدر الكافي لتوفير شركاء مناسبین، وغیر جمیلة لدرجة لفت الأنظار بشكل حادّ. ابنة خالي أجمل بنت عرفتها في حیاتي وقتها، شقراء بملامح أجنبیة، عیناها عسلیتان، تكشف الشمس خضارهما، وشعرها بندقيٌّ طویلٌ وثقیل، ترفض أمها تصفیفه أمام الغرباء، خوفًا من الحسد.
ارتدت ابنة خالي الحجاب سريعًا في المدرسة، ورفض أبوها التحاقها بسوق العمل، على عكس أختها، كي لا تستخدم المواصلات العامة وتتعامل مع زملاء ومديرين مستغلّين. أذكر أنني قلت لخالي: "طيب وصّلها أو هاتلها عربية، وتابعها"، فأشاح برأسه: "توء". هكذا، دون حجّةٍ أو انفعال. تأملت طويلًا البساطة التي مرّ بها الموضوع، وأنا أنظر لابنة خالي التي تكبرني بعدّة أعوام. كان حرمانها من المستقبل الوظيفي أقلّ كلفةً لأبيها من مواجهة خوفه. فيما بعد، تزوّجت وارتدت النقاب خوفًا من الفتنة.
كانت هذه مقدمةً مناسبةً لما قد أواجهه في مجتمعٍ مثل الذي نشأتُ فيه. ربطُ الجمال بالقابلية للاستغلال، بالحب الزائف، بالمنحة التي توسّع خياراتك في الشركاء، والمحنة التي قد تعطيك شريكاً عينه زائغة، يرميك ما أن يرحل عنك جمالك وصحتك بتقدّم العمر أو الولادة. علينا أن ننكره ونتجاهله إذن، ونعمل على ما يمكننا الاستثمار فيه: العقل والشخصية، وقلب "كعوبه نايكي وغدارات".
في المقابل، اعتادت أمي أن تحمينا من الغرور بامتداح الآخرين، ورثاء جمالها القديم، حتى ظنّنا أنها لا تحبنا، فكان تمرّدي وتمرّد أخواتي من بعدي الإقرار بحبنا لبعضنا، وقدرتنا على مدح جمالنا. أظن أنني بعد محاولات الفهم والتصالح مع الطريقة التي تربينا فيها، كنت أوّل من أخبر أختي بجمالها. كانت مصارحةً ثقيلةً وغريبة، أعني، كنت أشبه مراهقًا يغازل فتاةً للمرة الأولى في حياته، مرتبكةً ومحرجةً، لكن، بدافع الحماية أيضًا، عازمةً على أن تعرف تلك الحقيقة مني، لا من رجل، وأن ندين بتلك المعرفة لبعضنا، لا لأحدٍ يمكنه سلبها منا أو المطالبة بمقابل اكتشافها. قلته لها كتحليلٍ منطقي عن الجينات، عليها الإيمان به دون مغالاة. استقبلت أختي كلامي بقدرٍ هائلٍ من الخجل والسعادة وعدم التصديق. أدهشني كيف يتحرر الإنسان بعد انتزاع اعترافه بذاته، وتعاهدنا، دون كلام، على أن تعيش أختانا الثانيتان على دراية دائمةٍ بجمالهما أيضًا.
حين صرت في سنّ الزواج، لاحظت أن أبي، على عكس جميع الآباء حولي، لا يسعى لتزويجي. تقدّم لخطبتي عريسٌ قبل أن أدخل للكليّة وبدلًا من السيناريو الذي هيأت نفسي له، بأن أغضب وأتشاجر مع أبي فُوجئت بموقفه. أخبرني بأسى أنه لن يمانع إن وافقت، ولكنه يخشى ألا "يدعني" العريس أكمل دراستي. وجدت نفسي أطمئن أبي، بدلًا من الاحتداد عليه: "لا تقلق يا بابا، لا أفكر في الزواج عامة، ولن أختار رجلًا بهذه العقلية". كنت بشكلٍ ما واثقةً من اختياراتي المستقبلية، وكنت محقةً لدرجةٍ كبيرةٍ، فلم تكن صراعاتي مع الرجال فيما بعد بهذا التدني.
أبي رجلٌ ذكي، ومتمرّدٌ قديمٌ على مجتمعه. غيّر مساره التعليمي ومهنته وتزوج أمي بعد صراعاتٍ طويلة، فكان محقًا في نبوءاته إلى حدٍّ بعيد. بالفعل أحاط بي رجالٌ كثيرون بينما أكبر، حاول عددٌ منهم استغلالي. بالفعل أحبني رجالٌ كثيرون، لم يستطيعوا احتمالي. وبالفعل لم تنته صراعاتي باستسلام أبي لها.
اتّبع أبي أسلوبين متناقضين في تربيتي، الأول هو السماح لي بهامشٍ للنقاش والصراع على مكتسباتٍ أدرك الآن أنها ليست بالبساطة التي تصورتها، كلها على أرضية كوني إنسان ولست امرأة، والثاني هو إرهابنا من الرجال، ومن أنه لا يوجد رجلٌ يتسامح مع ما أصارع أبي عليه؛ الرجال لا يستطيعون التعامل مع امرأةٍ لسانها طويل وعيناها غير مكسورتين. وعلى عكس خالي، تعامل أبي مع حِمل تربية البنات بتحقير كلّ ما من شأنه التحريض على الوعي بأنوثتنا. مستحضرات التجميل، الوقت الطويل أمام المرآة تجهيزًا للخروج، الصور الشخصية، الأغاني العاطفية، الشعر والأدب، الألوان الملفتة في الملابس، وحتى أحاديث الزواج، كانت كلها أشياءٌ تسبب إرباكًا ملحوظًا لأبي يتبعها لومٌ على تضييع الوقت في التفاهات و"ثقافة الاستعراض".
الخوف الذي عرّفني أبي عليه رأيت جذوره فيمن تعاملت معهم. وحذره من القوة والجمال والحب ترجمته الحياة لي بدروسٍ صعبةٍ ومثيرةٍ للتأمل.
يخشى الرجال بعضهم البعض. لم أعرف رجلًا واحدًا في حياتي لم يحذرني من الرجال "الآخرين" بطريقةٍ أو بأخرى. الرجل ذئبٌ لأخيه الرجل. كيف يترجم علماء النفس ذلك؟ لا أظن أنها فقط نزعة تملك، بقدر ما هي عدم تقديرٍ للذات، بوصفه ذكرًا ضمن جمعٍ من الذكور، وخبرة حقيقية متناقلة.
يُسحر الرجال بالجمال والقوة، لكنهم يجدون مشقةً عاليةً في التعامل السويّ معهما، أو تركهما في حالهما. كأنكِ الندّاهة، يخشونك ولا يكفّون عن السعي إليكِ والضياع فيكِ. وخاصةً في دوائر الساعين للثقافة والتحرر القيمي، يحب الرجل المرأة الدسمة المشاكسة للحياة، لأن ذلك إعلان انتصارٍ ذاتي وأيدولوجي كبير، لكنه لا يستطيع التعامل معها سوى خالية من الدسم والصراع.
أعني، سيحبك كثيرون جدًا إن كنت امرأةً صعبة ذات معايير عالية، لكن سيصحب هذا الحب دومًا محاولات ترويضك، وستصلين لنتيجة أو اثنتين: إما أن تعيدي تقليم أظافرك وتخفيف دسمك بنفسك لأجل الحب، أو تصبحين أمًا مربية لمن تحبين، فتقومين بالاهتمام والتعليم والخناق على قضايا المساواة والمسؤوليات النفسية، مع عدم المساس بصورة الشريك عن نفسه، لأن الرجال يهربون حين يُحصرون في الزاوية. وقبل أن تصيحي "الباب يفوّت جمل"، فصور ذاك الهروب ليست بالضرورة إنهاء العلاقة، بل التهرب من مسؤولياتها، التوجه لنساء أخريات، وصور العنف المصغرة التي لا تستطيعين الإمساك بها دون أن تصيري مجنونةً ونكدية. ستدفعين الثمن باختصار.
قال لي رجلٌ حكيمٌ مرّةً في نصيحته لي بأن ألين، أنّ "الست الشاطرة هي التي تجعل شريكها يفعل ما تريد، وهو يظن أن هذا ما يريده هو". جاء في بالي أن هذه الحكمة الشعبية هي مفتاح علاقات القوة. ما لا يؤخذ بالعدل يؤخذ بالحيلة، و"الزن على الودان أمرّ من السحر". الدهاء هو الأداة المتاحة للنساء، يسمح لهن بالحزن والانكسار ولا يُسمح لهنّ بالغضب. بينما العنف، والمبادرة، هي صفات محجوزة حصرًا للذكور.
هذه الحكمة أيضًا هي منشأ منطق مسامحة الرجل على عنفه، ومعايرته على إبداء ضعفه وارتباكه وخوفه. تلقيح الكلام والتلسين سلاح "الولايا" المستضعفات، حيث تُحرم المرأة من الشجاعة، وتتعلم بدلًا عنها التلقيح على زوجها وحماتها، وحتى زوجات رجال العائلة وجيرانها، لأن من يملك القدرة على الفعل المباشر، من اعتاد وجود قناة اعتراض واضحة، لا يضطر للاعتراض المبطن.
العلاقات العاطفية ليست ساحة صراع، أعلم، لكن دخولها بمبدأ الحيلة والمحايلة هو أكثر ما رفضت في حياتي. ليس فقط لتصوراتي عن نفسي، وإنما أيضًا لأنه مبدأٌ يفترض أن الرجال أطفالٌ صغار بكبرياء هشٍ وسامٍّ، يجب مجاراتهم اتقاءً لشرهم. لا أظن أنني أستطيع دخول علاقةٍ لا أحترم فيها الطرف الآخر، ولا أفترض فيه النديّة.
لا أعرف امرأةً لم تُشهَر في وجهها نظرية "وش القفص” عند الشكوى، فقد فزتِ برجلٍ وفيٍّ لا يؤذيكِ، لا تضطرين معه لنقاشاتٍ بدائية في الحق في التعليم والعمل وسلامة الجسد. في عالمٍ نناقش فيه قضايا العنف الأسري وجرائم الشرف والاغتصاب الزوجي وأحقية تمرير النساء للجنسية، يصبح الحديث عن معايير الارتباط شيئًا من الترف أحيانًا. لا يأخذ المرء كل شيء، وعليكِ القيام ببعض التنازلات كي تسير المركب.
في الحب لا تنقصني الشجاعة، ينقصني الاستحقاق. ألّا أضبط نفسي متلبسةً بالمشي على قشر بيض كي لا أُتّهم بالافتراء والقسوة. ألّا أُجبر على أن أكون على الدوام نسخةً مخففةً مني، معادلةٌ أُخيّر فيها بين نفسي وبين الحب، شروط تعاقد أخسر فيها في كل الأحوال. أراد أبي ألا يدللني حتّى لا أصطدم بالعالم بعده، لكن عندما عرّفته أمي على شاب وعريسٍ محتمل، قال هذه المرّة أمامي: "مهمّة صعبة عليه، لن ينجح في ترويض النَمِرة".
300 notes · View notes
esraa-farouk · 4 years
Text
في كل موقف صعب تأتين في حلمي. حيلة تأقلم وصل إليها عقلي لتهدئتي في منامي. كل مرة أفقد شيئًا أو شخصًا تحضرين لي، نتشاجر غالبًا، إلا أنني استيقظ مطمئنة أنني مازلت أتذكر كل ما أنت عليه. صوتك، ملامحك، الطريقة التي تهربين فيها من الألم، قسوتك حين تخافين عليّ، وتراجعك حين ترين أثر تلك القسوة. استيقظ وكل حياتي كما هي، حتى أنتِ، خاصة أنتِ، فيهدأ كل شيء.
126 notes · View notes
esraa-farouk · 4 years
Note
انا بحبك جدا يا إسراء وبحب مدونتك بس انصدمت لما عرفت انك بتدعمي المثليه !
 ليا أصدقاء كتير اتصدموا فيا لما كنت ضد فض رابعة برضو. وأصدقاء اتصدموا فيا لما كنت ضد طلاب الأخوان في الجامعة بحسم وبدون مواربة. وأصدقاء بيتصدموا فيا لحد دلوقتي لما بقولهم إن حياتنا أقيم من إننا نقضيها في الدخول والخروج من السجون، وأهم من إننا نرهن تحققنا بما يتطلبه ويقبله المجتمع والعادات والناس.
وده مش شيء عارض ولا رد فعل انفعالي على انتحار سارة. أنا طول الوقت بدعم حق الناس في الحياة والحرية ومبفهمش يعني إيه نحدد للناس يناموا مع مين وإمتى. الناس أحرار بكل ما تحمله الكلمة دي من معنى وتمن.  ده شيء أساسي في تكويني وجزء أصيل من إسراء اللي بتحبها ومش هيتغير. 
إحنا معندناش أي حل غير إننا نحترم اختيارات بعض حتى من غير ما نفهمها، ونسيب ما للناس للناس. ومعندناش خيار غير إننا نحمي حق الجميع في الاختيار حتى لو أنت غير مرتاح للاختيار ده، الحرية أصلا موجودة عشان النوع الصعب ده من المواقف مش عشان الحاجات اللي بالفعل المجتمع راضي عنها ومبارك ليها. 
مش هقولك إنك لو موافق على مواقفي لازم تاخدها كلها أو ترفضها كلها لإني متفهمة إن ينفع نحب الناس ومنقبلش حاجات كتير فيهم، وأتمنى أنت كمان تلاقي في قلبك المساحة دي.
73 notes · View notes
esraa-farouk · 4 years
Note
انا سمعت باهتمام بودكاستك عند نظير و بعدها followed you on every social media platform. معجب جدا بكلامك الصادق عن ال trauma قريب و حبيته بشكل خاص عشان اتعرضت لتجربة مشابهة كمان معجب جدًا بقدرتك على التعبير بالذات اني بحاول انمّي القدرة دي عندي و دا سبب اني عملت تمبلر بالاساس. اتمنى اني أشوف اسمك اكتر على كل تايملايناتي. Cheers,
متشكرة خالص على كلامك الجميل ده. أتمنى تلاقي الطريق اللي بتدور عليه دايمًا.
Cheers!
16 notes · View notes
esraa-farouk · 4 years
Note
أنا بنت وفقدت غشاء البكارة من غير قصد ف لعبة رياضية عنيفة، و من ساعتها عندي هاجس ان مش هاعرف اعيش كويس واذا حبيت حد وقلت له هل هيوافق؟ طب بلاش المهم ساعتها بعد م يعرف انا وضعي هيكون ازاي؟ انا فالصعيد.. انا مش بؤمن بكل خرافات الشرف وكدا بس احنا في مجتمع مش بيرحم يعني.. ف أنتِ إيه رأيك اتصرف ازاي في حاجة زي كدا؟ انا عارفة إن ممكن يكون معندكيش رد بس حبيت اشارك حاجة مسببة لي ازعاج
أنا عندي رد، وأحب تفكري معايا فيه. هل أنت موافقة تتجوزي شخص معندوش أي نوع ولا درجة من التفهم أو الثقة فيكي للدرجة دي حتى لو بتحبيه؟ تقديري إن لأ، لإن مفيش حد يستحق علاقة بالشكل ده.  الحاجة التانية، إحنا إيه تعريفنا للعذرية والشرف؟ في ستات مولودة بدون غشاء بكارة، وستات بغشاء بكارة لا ينفض سوى بالولادة الطبيعية، وستات بغشاء بكارة يستحيل التعرف عليه. نسب الستات اللي بتنزف في أول علاقة جنسية مش كبيرة، والمعروف إن لو المرأة في حالة استرخاء واستثارة فغالبا لا تنزف.   العذرية لا يمكن التعرف عليها طبيًا إلا في حالة التهتك مثل الاغتصاب، عن طريق تتبع آثار العنف وبقايا السائل المنوي، ولا يمكن اثبات ده إلا خلال 48 ساعة لإن عضلات المهبل تعود لطبيعتها بعدها. 
بقولك ده عشان تعرفي إن العذرية مفهوم واسع وتعريفاته مختلفة عن مجرد فقدان غشاء في حادثة. أنتِ كاملة به وبدونه. وده شيء خاص جدًا بيكي وحقك متشاركيش المعلومة دي إلا في إطار آمن تمامًا ليكي وقت ما تحبي.  الانسان مش أسير المكان اللي اتولد وعاش فيه، ومش معنى إنك في الصعيد إنك مجبرة على تحقيق معيار مش بإيدك، أنت بالأخص عشان في الصعيد لازم اختياراتك في شريك حياتك تكون حذرة وعلى الفرّازة. متسحميش لحد يحكم على حياتك الواسعة المتنوعة الغنية بالخرافة.
https://www.plannedparenthood.org/learn/teens/sex/virginity
67 notes · View notes