Tumgik
asabrry · 1 year
Text
ِعنكِ و إليك
سؤال: كيف تهرب من فكرة تملّكت عقلك حتى صارت مثلها كمثل النسيج المكون لخلاياه؟ و تعلق قلبك بها و كأنها شريان يمده بالحياة؟
تواجهنا مشكلة ما. لا أدري ما هي، و لكنني أتيقن من وجودها؛ فهي تقف حاجزًا عصيًّا بيني و بينك.
من الصعب جدًا أن أكتب عنك. مستحيل أن أحتوي ظاهرة طبيعية مثلك – بانطلاقتك و تدفقك –  في أي عدد من الكلمات أو الصفحات. لكنني سأحاول… لأن البديل هو الانفجار
أنتي من عالم و أنا من عالم آخر. عالمي خالٍ من القيود، عالمك مليء بها. تمنيت كثيرًأ أن ندمجهما، فتكوني أنتي أنتي و أكون أنا أنا… نبني نحن عالمًا جديدًا، نجد به أنفسنا، بعيدًا عن تقييمات البشر و تقسيمات المجتمع الجامدة، القاسية
أنتي لا تدري أنني بوجودك في حياتي قد تمردت بالفعل على نفسي. تعلقت بك قبل حتى أن أراك، فخفت أن تقتل مقابلتك الحلم الذي كان قد أوشك على أن يولد بداخلي. أنا أخاف مما لا أعرفه، مما لا أعهده… و لكنني معك قررت ألا أخاف. و وجدت بكي المزيد من الأحلام
تدهشيني أحيانًا، تثيريني أحيانًا، تستفزينني أحيانًا، و توتريني أحيانًا أخرى… لكنك دائمًا ما تحركينني - و كم كنت أتوق لما يحركني. تتحديني! تتحدى عقلي، تجبريني أن أتساءل بشأن أشياء كنت دائمًا ما أعتبرها مسلمات. لا أتوقف عن اكتشاف أشياء جديدة أثناء حديثنا. أشياء جديدة عن العالم و الحياة، عنك، عن نفسي… و قد أدمنت النشوة التي يجلبها ذلك النوع من المعرفة، المتعة التي تتملكني و أنا أكاد أشعر بعقلي و هو يجري معك، يلاحقك، محاولاً أن يستوعب كل شئ. كل لحظة معك هي اختبار… اختبار لقدرتي على فهمك و مجاراتك و تخطي أسوارك
في لحظات نادرة، غالية، تسمحي لي بلمحةٍ للداخل… تشرحي لي ما يجول بخاطرك
أعلم أنكي لا تبحثين عن شخص يحتضينك حينما تكوني حزينه أو يربت على كتفيك و يخبرك أن كل شيء سيصير على ما يرام… أعلم أنكي قادرة على تحمل عواقب اختياراتك و هزيمة همومك وحدك. و لكن هذا لا ينفي رغبتي الفطرية في معانقتك كل مرة أسمع فيها لنبرة الإحباط في صوتك، و أرى إصرارك و أنتي تحاربيه و رفضك الاعتراف أنه – و لو للحظة – قد تمكن منك
أعشق قوتك و تلقائيتك و جرأتك و اندفاعك و تفانيك في التعبير عن رأيك و انحيازك العنيف للحق. أرى فيكي طفلاً حالمًا صار إمراةً لاتزال مؤمنًة بجمال الكون و عظمة البشر و لامحدودية قدرتهم على تحقيق المعجزات… و معركتك أن تظلي مؤمنًة
 
ترى الأمور دائمًأ لونان: أبيض و أسود… و تمقتي الرمادي في كل درجاته. أصبحتي حانقًه، ساخطًه… لا لأنك شخص صعب المراس، بل لأنك – بطيبة قلبك و ولاءك العنيد لمباديئك التي لا تتغير و لا تتجزأ – لا تدري ما الذي يمنع الناس من أن يكونوا أفضل نسخة من أنفسهم. هذا لا ينفي أنك بالفعل صعب المراس… لدرجة تصيبني أحيانًا بالجنون، و إن كان هدوئي الدائم هو ما يظهر لك
ترى الكثير من الأخطاء في تصرفات أشخاص حولك، و لكن نتيجة اتباعك للـ"صح" تبدو قاتمة… فتقرري أحيانًا ألا تواجهيهم برأيك فيهم و فيما يفعلونه، لمعرفتك بمدى غموض و صعوبة الطريق الآخر. و حينما تكتمي غضبك، ينتهي بك الأمر تصارعيه بداخلك، وحدك. فيبدو عليكي الشرود، و تتوقفي عن التفاعل… أو تتفاعلي فقط بنصف عقل، و نصف قلب. النصف الآخر مهموم، مؤرق، دائم البحث عن أصل المشاكل و محاولة إيجاد حلول لها
أخشاكي. أخشى رد فعلك. أحيانًا تكون كلماتك كالرصاص. كنت بحاجة للمزيد من الوقت كي أتعود على كيفية تفاديه دون أن يصيبني. صار حديثي معك مليئًا بالجدران العازلة و الطرق الوعرة… و كأنني أحتاج لخريطة أرجع لها قبل أن أتطرق إليكِ
تريدي أن نترك الحديث يأخذنا أينما شاء… لا أمانع ذلك، لكنني لا أستطع أبدًا تجاهل ما يحدث و التعامل كأن كل شيء على ما يرام. لا أجيد التعاملات السطحية. رغبتي في اكتشاف أعماق من أهتم لأمرهم تكاد تكون غريزة غير خاضعة لسيطرتي. و مع رغبتي في التعمق و تصميمك على البقاء على السطح، إما نصطدم، أو يسود شئ من التوتر و الارتباك و انعدام الراحة… و ينسد الطريق أمام عيني
تذكريني بأحلامي. لا، بل أنا لم أنسها أبدًا… و لكنك تذكريني بما هو أهم. تذكريني بأنها ممكنة. تملأيني بطاقة لذيذة، تنساب بداخلي، تسيطر على كل جزء مني، توقظ إرادتي و تشعرني بأنني قادر على فعل أي شيء و كل شيء. تغمرني رغبة في الـتـخلص من كل الأطر الذي تحكم بحياتي… كي أكون حر، معك. يصبح من السهل جدًا في وجودك أن أرى نفسي منطلق، واثق، شبع، سعيد. ساعدتني – دون أن تدري – على أن أتخيلني كيفما أريد أن أكون… فمع اهتزاز إيمانك، أشعر أنا أن حلمي – تلك الرؤية التي أحببتها و تعلقت بها – مهددة بالفناء
لا أدري كيف تؤثري في لهذه الدرجة. كيف يكاد قلبي أن يقفز خارج صدري بمجرد أن يظهر اسمك على شاشة تليفوني. محبب لي هو اسمك، من قبلك حتى… فهو اسم أهم إمرأةً في حياتي و أقربهم إلى قلبي. قريبةً أنتِ لقلبي كذلك، و إن كنت لم أركي إلا تلك المرات المعدودة. كل مرة منهم بالنسبة لي حدث، بالنسبة لكي مجرد فقرة في اليوم. أنا لا أقصد أن أحلل تصرفاتك أو أتوقعها، لكن يعني لي الكثير أن تستمتعي بصحبتي، أن ترغبي في اكتشافي، أن تراني شخصًا جميلاً بمعاييرك. لا أعلم لما يشكل لي رأيك كل هذه الأهمية، أو سر هذا التقديس… لكنني بالتأكيد كنت بحاجة للتغلب عليه كي أتمكن من التنفس حولك
أحزن كلما أدرك كم الأشياء التي لم تأتني أبدًا الفرصة لأعرفها عنك… الفتى الذي تذكريه دائماً … ألازلت تنتظرين رؤيته؟ أتشتاقي أحيانًا لحياتك السابقة؟ كم ملعقة سكر تحبي في الشاي؟ أريد أن أرى صورتك و أنتي طفله، أريد أن أسمعك تغني دائماً، أريد أن أعلم ما إذا كان في قبلتك هذا المزيج الشهي من العنف و الحنان الذي أتخيله 
أتوق إلى ضحكاتك و صوتك و هو يرقص بالتفاؤل
أحب النظّارات التي ترتدينها أحيانًا… تجعل ملامحك أكثر جمالاً. و بطريقة ما تبرز ابتسامتك. أحب تلك الابتسامات المتنوعة لديك.
 دائمًا مختلفة؛ أصلي. مثلك. أحب ولعك بالحياة… أحب اختيارك للكلمات و التشبيهات و التسلسل المنطقي الذي يتواجد في كل رأي تشرحيه و كل قصة تسرديها… يتواجد حتى في كل دعابة تلقيها
لم نعد نتبادل الحكايات كل يوم، فصرت أعتمد على تلك المقتطفات اليومية من حياتك التي تشاركيها مع آلاف غيري… أتابعها عبر تلك الشاشة و أخمن حالتك المزاجية من خلالها كي أطمئن عليكي. إذا غابت أقلق، و أحن إلى وجودك في يومي، و إن كان مجرد وجود افتراضي. و في تلك الأيام المليئة بالأحداث المهمة و المربكة – و ما أكثرها في حياتنا مؤخرًا – لا يهدأ لي بال حتى أعرف تقييمك للموقف… و كأنك أصبحت – بالنسبة لي – ترمومترًا للمبادئ و مقياسًا للأخلاقيات و ملاذًا أخلد إليه كي أطمئن أن البعض – و إن ندر وجودهم – لا يزال مؤمنًا، مُصِّرًا، متسقًا مع نفسه
أفتقدك. أفتقد حماسك و اهتمامك و شغفك و كلامك. ربما لم يكن يعني لكي الكثير، و لكنه كان يعني لي – أثناء تلك المحادثات من كل ليلة – كل شيء. كم كنت أحب إحساس أنني محطة مميزة في يومك… أنك تذكريني كما أذكرك، تقرأيني بنهمٍ كما أقرأك
نعم، تمنيت أن أتجاهل تقسيمات المجتمع معكِ و لكنني أدركت أنك للأسف من هواة التصنيفات… مما يرهقك، و يرهقني. يرهقك لأنك دائمةً الانشغال بوضع الناس في صناديق، و يرهقني لأن رأسي لا يتوقف عن محاولة تخمين في أي صندوق وضعتني. كم أريد أن أهرب خارج صندوقي… و أن أحطم ما تبقى من صناديقك
فأنا لست الفتى الرقيق اللطيف الطيب الذي تراه. أنا أكثر. ، ربما تراني أهدأ و أبسط ، ولكنني غير ذلك
لا أدري ما الذي حدث؟! هل أخطأت أنا في تقييمي للوضع من البداية؟ ربما كنت س��ذجاً فعلاً… لا أدري، و لا أهتم. لا يمكنني إنكار مشاعري، و لا يحتم علي تبريرها. تَكَوَّنَت… و لم يكن لي يد في ذلك
فلتعلمي أنني الآن – و أنا أكتب لكي – في حالة من الاشتعال و الانتفاض لم أعرفها حينها. و أنني حتى هذه اللحظة لازلت أعاني من غيرة لا تتركني كلما تذكرت ما حكتيه عن من أحببتي
 ربما لم تبدأ قصتنا من الأساس… لكنها – في عيني على الأقل – تستحق نهاية أدفأ من هذا الصمت و البرود… و اللا شيء
الإجابة: لا تهرب. تستسلم، حتى تتركك هي
7 notes · View notes