إلتمس ألف عذر للذي لا يرد على رسائلك، على مكالماتك، للذي يغيب فجأة دون أن يخبرك بذلك، للذي يحب العزلة ويرى أنه من الواجب أن يجلس إلى نفسهُ أن يكون هادئًا فحسب دون أن يعلمك أنهُ مرهق متعب، أنه لا يود الحديث، لا يرغب في تحريك فكهُ ولا أنامله فقط يود مراقبة العالم من بعيد، إلتمس لي أعذارًا لا تنتهي إن صادفتني شاحب الوجه على غير عادتي، إن راسلتني ولم أجبك، إن أتصلت بي ولم ارد، قد أكون مشغولًا أو يائسًا قد أكون غائبًا عن الوعي قد أكون نائمًا يسيل لعاب تعبي على الوسادة قد أكون في العمل في المسجد في المقبرة قد أكون ميتًا وأنت تتصل وتشتم لأني لم أرد.
إلتمس لي عذرًا إن لم أبتسم في وجهك يومًا قد أكون مللت من الأبتسام ألا يحدث هذا معك إن مررت بقربك ولم أرك قد أكون في مكان آخر أنت لا تعلم عنه شيئًا ، ٳلتمس لي ٲلف عذر ربما موبايلي ٲنسرق.
وربما كل هذه السخرية من أحوالنا الحالية ما هي إلا محاولة بائسة لاخفاء رغبتنا بالبكاء، ضحك ولكنه ممزوج بالمرارة. انها الهزيمة متنكرة كانتصار. ضحك كالبكاء أو نكتة في مآتم تماما مثل مشهد يحيى الفخراني في فيلم الكيف وهو يقهقه في العزاء قائلا: "الجو منعش وجميل، أنا في منتهى السعادة".